للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاقة فأدبها النَّعيم، وأذلها الْفقر، لم تفتك فتمجن، الهلوك على زَوجهَا، الحصان من جارها، إِذا خلونا كُنَّا أهل دنيا، وَإِذا افترقنا كُنَّا أهل آخِرَة. قَالَ عمَارَة بن عقيل: أصابتنا سنُون ثَلَاث لم نحتلب فِيهِنَّ رئلاً، وَلم نلقح نَسْلًا، وَلم نَزْرَع بقلاً. تكلم الْوُفُود عِنْد عبد الْمُلُوك حَتَّى بلغ الْكَلَام إِلَى خطيب الأزد فَقَامَ فَقبض على قَائِم سَيْفه ثمَّ قَالَ: قد علمت الْعَرَب أَنا حَيّ فعال، ولسنا بحي مقَال، وَأَنا نجزى بفعلنا عِنْد أحسن قَوْلهم، ونعمل السَّيْف. فَمن مَال قوم السَّيْف أوده. وَمن نطق الْحق أرده. ثمَّ جلس. فَحفِظت خطبَته دون كل خطْبَة. قَالَ الْأَصْمَعِي: بَلغنِي عَن بعض الْعَرَب فصاحة فَأَتَيْته لأسْمع من كَلَامه فصادفته يخضب فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: إِن الخضاب لمن مُقَدمَات الضعْف، وَلَئِن كنت قد ضعفت فطالما مشيت أَمَام الجيوش وعدوت على صيد الوحوش ولهوت بِالنسَاء، واختلت فِي الرِّدَاء، وأرويت السَّيْف، وقريت الضَّيْف، وأبيت الْعَار، وحميت الْجَار، وغلبت القروم، وعاركت الْخُصُوم، وشربت الراح، ونادمت الجحجاج، فاليوم قد حناني الْكبر، وَضعف الْبَصَر، وَجَاءَنِي بعد الصفاء الكدر. قَالَ: سَمِعت أَعْرَابِيًا يُعَاتب أَخَاهُ وَيَقُول: أما وَالله لرب يَوْم كتنور الطهاة رقاص بالحمامة، قد رميت بنفسي فِي أجيج سمومه أتحمل مِنْهُ مَا أكره لما نحب. قَالَ روح بن زنباع لمعاوية: نشدتك الله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَن تحط مني شرفاً أَنْت رفعته، أَو أَن تهدم مني بَيْتا أَنْت شيدته، وَأَن تشمت بِي عدوا أَنْت قمعته. ذكر عَمْرو بن معد يكرب بني سليم فَقَالَ: بَارك الله على حَيّ بني سليم مَا أصدق فِي الهيجاء لقاؤها، وَأثبت فِي النَّوَازِل بلاؤها، وأجزل فِي النائبات عطاؤها، وَالله لقد قاتلتهم فَمَا أجبنتهم، وهاجيتهم فَمَا أفحمتهم وسألتهم فَمَا أبخلتهم. جرى بَين الخوات وَبَين جُبَير وَالْعَبَّاس بن مرداس كَلَام فَقَالَ خَوات: أما

<<  <  ج: ص:  >  >>