قيل لأعرابي ينسج: أَلا تَسْتَحي أَن تكون نساجاً؟ فَقَالَ: إِنَّمَا أستحي أَن أكون أخرق لَا أَنْفَع أَهلِي. مد الْمَأْمُون يَده إِلَى الْأَعرَابِي ليقبلها فَتَنَاولهَا بكمه فَقَالَ: أتتقزز مِنْهَا؟ قَالَ: لَا بل أتقزز لَهَا. وصف أَعْرَابِي قوما فَقَالَ: هم كلاب وَفُلَان من بَينهم سلوتي. سُئِلَ رجل عَن نسبه فَقَالَ: أَنا ابْن أُخْت فلَان. فَقَالَ أَعْرَابِي: النَّاس ينتسبون طولا وَأَنت تنتسب عرضا. رأى أَعْرَابِي عوداً فَلَمَّا عَاد إلىالبادية وَصفه لأَصْحَابه فَقَالَ: رَأَيْت خشباً محدودب الظّهْر، أرسح الْبَطن، أكلف الْجلد، أجوف أغضف، جَبينه فِي استه، وَعَيناهُ فِي صَدره، وأمعاءه خَارج بَطْنه، بهَا يتَكَلَّم، وعينه تترجم، معروك الْأذن، مخنوق الْحلق. سُئِلَ آخر عَن امْرَأَته فَقَالَ: أفنان أثلة، وجنى نَخْلَة، وَمَسّ رَملَة وَكَأَنِّي قادم فِي كل سَاعَة من غيبَة. اجْتمع إعرابي مَعَ صَاحِبَة لَهُ فَلَمَّا قعد مِنْهَا مقْعد الرجل من امْرَأَته ذكر معاده فاستعصم وَقَالَ: إِن من بَاعَ جنَّة عرضهَا السَّمَوَات وَالْأَرْض بِمِقْدَار فتر بَين رجليك، لقَلِيل الْبَصَر بالمساحة. اشْتَكَى أَعْرَابِي بالحضر فَقيل: مَا تشْتَهي؟ قَالَ: حشك فلاة، وحسي قلاة. قَالَ أَعْرَابِي لرجل: اكْتُبْ لِابْني تعويذاً. فَقَالَ: مَا اسْمه؟ قَالَ: فلَان قَالَ: فَمَا اسْم أمه؟ قَالَ: وَلم عدلت عَن اسْم أَبِيه؟ قَالَ: لِأَن الْأُم لَا يشك فِيهَا. قَالَ: فَاكْتُبْ: فَإِن كَانَ ابْني فعافاه الله، وَإِن لم يكن ابْني فَلَا شفَاه الله. قيل لأعرابي: مَا تَقول فِي إِبْنِ الْعم؟ قَالَ: عَدوك وعدو عَدوك. وَوعظ آخر ابْنا لَهُ أفسد مَاله فِي الشَّرَاب فَقَالَ: لَا الدَّهْر يعظك وَلَا الْأَيَّام تنذرك، وَلَا الشيب يزجرك، والساعات تعد عَلَيْك، والأنفاس تعد مِنْك والمنايا تقاد إِلَيْك، أحب الْأَمريْنِ إِلَيْك، أردهما بالمضرة عَلَيْك.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute