للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَأَلَ أَعْرَابِي قوما فَقَالَ: رحم الله امْرَءًا لم تمج أُذُنه كَلَامي، وَقدم لنَفسِهِ معَاذَة من سوء مقَامي، فَإِن الْبِلَاد مُجْدِبَة وَالدَّار مضيعة وَالْحَال مسبغة، وَالْحيَاء زاجر ينْهَى عَن كلامكم، والفقر عاذر يَدْعُو إِلَى إخباركم، وَالدُّعَاء إِحْدَى الصدقتين. فرحم الله امرء آسى بمير، أَو دَعَا بِخَير. فَقَالَ لَهُ رجل: مِمَّن يَا أَعْرَابِي؟ فَقَالَ: مِمَّن لَا تنفعكم مَعْرفَته وَلَا تضركم جهالته اللَّهُمَّ غفراً، إِن يَوْم الِاكْتِسَاب، يمْنَع من كرم الانتساب. دَعَا أَعْرَابِي فِي الْكَعْبَة فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك عَالم بحوائجي فاقضها، وعارف بذنوبي فاغفرها. فَقيل لَهُ: اختصرت. فَقَالَ: لَا وَالله بل بالغت. وَقَالَ آخر فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْخَوْف مِنْك، حِين يأمنك من لَا يعرفك، وَأَسْأَلك الْأَمْن مِنْك، حِين يخافك من يغتر بك. ودعا آخر فَقَالَ: اللَّهُمَّ فَمَا أعرف مُعْتَمدًا من زِيَارَة فاطلب، وَلَا أجد غنى فأترك فِي الْحجَّة، فَإِن أطنبت فِي سؤالك فلفاقتي إِلَى مَا عنْدك، وَإِن قصرت فِي دعائك فَلَمَّا تعودت من ابتدائك. قَالَت أعرابية عِنْد الْكَعْبَة: إلهي لَك أذلّ، وَعَلَيْك أدل. كَانَ من دُعَاء شُرَيْح: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْجنَّة بِلَا عمل عملته، وَأَعُوذ بك من النَّار بِلَا ذَنْب تركته. يُقَال إِنَّه كَانَ من دُعَاء يُونُس فِي الظُّلُمَات: لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين، وَإِلَّا تغْفر لي وترحمني، أكن من الخاسرين، مسني الضّر وَأَنت أرْحم الرَّاحِمِينَ. قَالَ أَعْرَابِي فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من حَاجَة إِلَّا إِلَيْك، وَمن خوف إِلَّا مِنْك، وَمن طمع إِلَّا فِيمَا عنْدك. قَالَ الْأَصْمَعِي: سَمِعت أَعْرَابِيًا يَقُول وَهُوَ مُتَعَلق بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة: إلهي {من أولى بالزلل وَالتَّقْصِير مني وَقد خلقتني ضَعِيفا، إلهي} من أولى بِالْعَفو عني مِنْك، وقضاؤك نَافِذ، وعلمك بِي مُحِيط، أطعتك بإذنك، والْمنَّة لَك عَليّ، وعصيتك بعلمك، وَالْحجّة لَك عَليّ، فبثبات حجتك وَانْقِطَاع حجتي، وبفقري

<<  <  ج: ص:  >  >>