للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلباً، وأقربنا بالخطيئة عهدا، وأشدنا على الذَّنب إصراراً فَقَالَ لَهُ الخريمي وَكَانَ حَاضرا. امْرَأَتي طَالِق، إِن كنت أردْت غير إِبْلِيس. قَالَ: إِذا دعت الْأَعْرَاب لمسافر قَالُوا: اللَّهُمَّ قو ضعفته، واحرس غفلته، وَشد منته، اللَّهُمَّ اطو عَنهُ غول الأَرْض وهولها، وحببه إِلَى أَصْحَابه واحمله على ركابه، سلم لَهُ عصيها وقصبها، وألق عَلَيْهِ السخرة والبلاغ، وادرأ عَنهُ وعنها الْأَعْرَاض والأمراض، حَتَّى توديه سالما إِلَى سَالِمين. كَانُوا يَقُولُونَ: نَعُوذ بِاللَّه من ضَرْبَة الجبان، وضبطة الْأَعْمَى، وبادرة الصَّبِي، ودعوة الْبَخِيل، وضرط الرَّقِيب، ونادرة الْمَجْنُون، وذلة الْعَالم. قَالَ أَعْرَابِي فِي دُعَائِهِ: اللَّهُمَّ أرزقني صِحَة لَا تلهي، وغنى لَا يطغي وسريرة لَا فضيحة فِيهَا وَلَا شنعة، وَعَلَانِيَة لَا رِيَاء تطغي فِيهَا وَلَا سمعة. سَأَلَ رجل من بني كلاب مَعْرُوف النّسَب فَقَالَ: إِنِّي رجل من بلعنبر، ولي سنّ، وَبِي فقر وَعِنْدِي دُعَاء وشكر، وَفِي إعطائي أجر وَذخر. فَقيل لَهُ: أَنْت من بني كلاب وتتنسب إِلَى بلعنبر قَالَ: إِنَّه مقَام خزي، وهم لنا عَدو. فَأَحْبَبْت أَن يلحقهم عاره. دَعَا أَعْرَابِي فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك أَن أفتقر فِي غناك، أَو أضلّ فِي هداك، أَو أذلّ فِي عزك، أَو أضام فِي سلطانك، أَو أضطهد وَالْأَمر لَك. قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة: إِنِّي لواقف بِعَرَفَة وأعرابي إِلَى جَانِبي فَسَمعته يَقُول: اللَّهُمَّ قد أنضيت ظَهْري، وأبعدت مطلبي، ووقفت ببابك ضارعاً خاضعاً، فَإِن كنت لم تقبل تعبي ونصبي، فَلَا تحرمني أجر الْمُصَاب على مصابه. فَلَمَّا قربت الشَّمْس أَن تغرب قَالَ: اللَّهُمَّ عجت الْأَصْوَات بضروب اللُّغَات ليسألونك الْحَاجَات، وحاجتي إِلَيْك أَن لَا تنساني على طول الْبكاء إِذا نسيني أهل الدُّنْيَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>