للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلدي. قَالَ: بل: أجمعهن لَك وَحيا. ووقفت أعرابية على قوم فَقَالَت: بَعدت مشقتي، وَظَهَرت محارمي، وَبَلغت حَاجَتي إِلَى الرمق، وَالله سَائِلكُمْ عَن مقَامي. وَسَأَلت أُخْرَى فَقَالَت: ساءلتكم، فسؤلكم الْقَلِيل الَّذِي يُوجب لكم وَالْكثير، رحم الله وَاحِدًا أعَان محقاً. ووقفت أُخْرَى فَقَالَت: يَا قوم، تغير بِنَا الدَّهْر إِذْ قل منا الشُّكْر ولزمنا الْفقر، فرحم الله من فهم بِالْعقلِ، وَأعْطى من فضل، وآثر من كفاف، وأعان على عفاف. كَانَ بَعضهم يَقُول: اللَّهُمَّ قني عثرات الْكِرَام. وَكَانَ بعض السّلف يَقُول: اللَّهُمَّ أحملنا من الرجلة، وأغننا من الْعيلَة. وَسَأَلَ أَعْرَابِي فَقيل لَهُ: بورك فِيك ونوالي عَلَيْهِ ذَلِك من غير مَكَان فَقَالَ: وكلكم الله إِلَى دَعْوَة لَا تحضرها نِيَّة. وَقَالَ بَعضهم: اللَّهُمَّ أَعنِي على الْمَوْت وكربته، وعَلى الْقَبْر وغمته، وعَلى الْمِيزَان وحقته، وعَلى الصِّرَاط وذلته، وعَلى يَوْم الْقِيَامَة وروعته. وَقَالَ آخر: اللَّهُمَّ أغنني بالإفتقار إِلَيْك، وَلَا تفقرني بالاستغناء عَنْك. وَقَالَ آخر: اللَّهُمَّ أَعنِي على الدُّنْيَا بالقناعة، وعَلى الدّين بالعصمة. وَقَالَ آخر: اللَّهُمَّ أمتعنا بخيارنا، وأعنا على أشرارنا، وَاجعَل المَال فِي سمحائنا. وَلما ولي مَسْرُوق السلسلة انبرى لَهُ شَاب فَقَالَ لَهُ: وقاك الله خشيَة الْفقر، وَطول الأمل، وَلَا جعلك ذُرِّيَّة للسفهاء، وَلَا شيناً للفقهاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>