للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَهله، ونعوذ بِاللَّه أَن أذكر بِهِ وأنساه، خرجنَا من الْمَدِينَة مَدِينَة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثَلَاثُونَ رجلا مِمَّن أخرجته الْحَاجة، وَحمل على الْمَكْرُوه لَا يمرضون مريضهم، وَلَا يدفنون ميتهم، وَلَا ينتقلون من منزل إِلَى منزل، وَإِن كرهوه، وَالله يَا قوم، لقد جعت حَتَّى أكلت النَّوَى المحرق، وَلَقَد مشيت حَتَّى انتعلت الدَّم، وَحَتَّى خرج من قدمي لحم كثير. أَفلا رجل يرحم ابْن سَبِيل، أذلّ طَرِيق، ونضو سفر، فَإِنَّهُ لَا قَلِيل من الْأجر، وَلَا غنى عَن الله عز وَجل، وَلَا عمل بعد الْمَوْت، وَهُوَ يَقُول جلّ ذكره " من ذَا الَّذِي يقْرض الله قرضا حسنا فيضاعفه " ملي، وَفِي، ماجد، وَاجِد لَا يستتقرض من عوذ وَلكنه يبلو الأخيار. قَالَ فبلغني أَنه لم يبرح حَتَّى أَخذ سِتِّينَ دِينَارا. وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: سَمِعت سَوْدَاء بِعَرَفَة تَقول: يَا حسن الصُّحْبَة: أَسأَلك سترا لَا تهتكه الرِّيَاح، وَلَا تخرقه الرماح. كَانَ من دُعَاء ابْن السماك: اللَّهُمَّ إِنَّا نحب طَاعَتك وَإِن قَصرنَا، ونكره معصيتك وَإِن ركبناها، اللَّهُمَّ فتفضل علينا بِالْجنَّةِ وَإِن لم نَكُنْ أَهلهَا، وخلصنا من النَّار وَإِن كُنَّا قد استوجبناها. ووقفت امْرَأَة من الْأَعْرَاب من هوَازن على عبيد الرَّحْمَن بن أبي بكرَة فَقَالَت أصلحك الله، أَقبلت من أَرض شاسعة، يرفعني رَافِعَة، ويخفضني خافضة بملمات من الْبلَاء، وملمات من الدهور برين عظمي، وأذهبن لحمي، وتركنني ولهة أَمْشِي بالحضيض، وَقد ضَاقَ بِي الْبَلَد العريض، لَا عشيرة تحميني، وَلَا حميم يَكْفِينِي، فَسَأَلت فِي أَحيَاء الْعَرَب من المرجو سيبه، الْمَأْمُون عَيبه، المكفي سائله، الْكَرِيمَة شمائله، المأمول نائله، فأرشدت إِلَيْك، وَأَنا امْرَأَة من هوَازن، مَاتَ الْوَالِد وَغَابَ الرافد، وَأَنت بعد الله غياثي، ومنتهى أملي، فَاصْنَعْ إِلَيّ إِحْدَى ثَلَاث: إِمَّا أَن تقيم أودي، أَو تحسن صفدي، أَو تردني إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>