للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتنال الفرصة، وتسويد من لَا تعابون بتسويده، وَالْوَفَاء فَإِن بِهِ يعِيش النَّاس، وَإِعْطَاء مَا تُرِيدُونَ إعطاءه قبل الْمَسْأَلَة، وَمنع مَا تُرِيدُونَ مَنعه قبل الإنعام وَإِجَارَة الْجَار على الدَّهْر، وتنفيس الْبيُوت عَن منَازِل الْأَيَامَى، وخلط الضَّيْف بالعيال، وأنهاكم عَن الرِّهَان فغني بِهِ ثكلت مَالِكًا أخي، وَعَن الْبَغي فَإِنَّهُ صرع زهيراً أبي، وَعَن السَّرف فِي الدِّمَاء، فَإِن قَتْلَى أهل الهبات أورثني الْعَار. وَلَا تعطوا فِي الفضول فتعجزوا عَن الْحُقُوق، وَأنْكحُوا الْأَيَامَى الْأَكفاء، فَإِن لم تصيبوا بِهن الْأَكفاء فَخير بُيُوتهنَّ الْقُبُور، وَاعْلَمُوا أَنِّي أَصبَحت ظَالِما مَظْلُوما؛ ظلمتني بَنو بدر بِقَتْلِهِم مَالِكًا، وظلمتهم بقتلي من لَا ذَنْب لَهُ. ثمَّ رَحل عَنْهُم فلحق بعمان، فَتَنَصَّرَ بهَا، وَأقَام حَتَّى مَاتَ. وَقيل إِنَّه احْتَاجَ فَكَانَ يَأْكُل الحنظل حَتَّى قَتله، لم يخبر أحد بحاجته. بلغ أَبَا الْأَغَر أَن أَصْحَابه بالبادية قد وَقع بَينهم شَرّ، فَأرْسل ابْنه الْأَغَر فَقَالَ: يَا بني كن يدا لأصحابك على من قَاتلهم، وَإِيَّاك وَالسيف فَإِنَّهُ ظلّ الْمَوْت، وَاتَّقِ الرمْح فَإِنَّهُ رشاء الْمنية، وَلَا تقرب السِّهَام فَإِنَّهَا رسلٌ لَا تؤامر مرسلها، قَالَ فبماذا أقَاتل؟ قَالَ: بِمَا قَالَ الشَّاعِر: جلاميد أملاء الأكف كَأَنَّهَا ... رُءُوس رجالٍ حلقت فِي المواسم وَقَالَ رجل من بني هِلَال لِبَنِيهِ: يَا بني اظهروا النّسك فَإِن النَّاس إِن رَأَوْا من أحدكُم بخلا قَالُوا: مقتصد لَا يحب الْإِسْرَاف وَإِن رَأَوْا عياً قَالُوا: متوق يكره الْكَلَام، وَإِن يرَوا جبنا قَالُوا: متحرج يكره الْإِقْدَام على الشُّبُهَات. وَكَانَت الْعَرَب إِذا أوفدت وافداً تَقول لَهُ: إياك والهيبة فَإِنَّهَا خيبة، وَعَلَيْك بالفرصة فَإِنَّهَا خلسة، وَلَا تبت عِنْد ذَنْب الْأَمر، وَبت عِنْد رَأسه. أوصت أعرابية ابْنَتهَا عِنْد إهدائها إِلَى زَوجهَا، فَقَالَت: اقلعي زج رمحه، فَإِن أقرّ فاقلعي سنانه، فَإِن أقرفا كسْرَى الْعِظَام بِسَيْفِهِ، فَإِن أقرّ فاقطعي اللَّحْم على

<<  <  ج: ص:  >  >>