للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا المحالة، فَإِن أحزم الْفَرِيقَيْنِ الركين، وَرب عجلة تهب ريثاً، واتزروا للحرب وادرعوا اللَّيْل، فَإِنَّهُ أخْفى للويل، وَلَا جمَاعَة لمن اخْتلف. وَقَالَ عَلْقَمَة بن لبيد العطاردي لِابْنِهِ: يَا بني إِذا نازعتك نَفسك إِلَى صُحْبَة الرِّجَال، فاصحب من إِذا صحبته زانك، وَإِن خدمته صانك، وَإِن عرتك بِهِ مؤونة أعانك. اصحب من إِن قلت صدق قَوْلك، وَإِن ملت سدد صولك، واصحب من إِن مددت يدك بِفضل مدها، وَإِن بَدَت مِنْك ثلمة سدها، وَإِن رأى مِنْك حَسَنَة عدهَا. اصحب من إِن سَأَلته أَعْطَاك، وَإِن سكت أَغْنَاك، اصحب من لَا يَأْتِيك من البوائق، وَلَا يخْتَلف عَلَيْك مِنْهُ الطرائق، وَلَا يخذلك عِنْد الْحَقَائِق. وَقَالَ بَعضهم لِابْنِهِ: كن يَا بني جواداً بِالْمَالِ فِي مَوضِع الْحق، ضنيناً بالأسرار عَن جَمِيع الْخلق، فَإِن أَحْمد جود الْمَرْء، الْإِنْفَاق فِي وَجه الْبر، وَالْبخل بمكتوم السِّرّ. أوصى بعض الْأَنْصَار ابْنه فلقال: يَا بني، إِنِّي مُوصِيك بِوَصِيَّة، إِن لم تحفظها عني كنت خليقاً أَلا تحفظها عَن غَيْرِي: يَا بني اتَّقِ الله، وَإِن اسْتَطَعْت أَن تكون الْيَوْم خيرا مِنْك من أمس، وَغدا خيرا مِنْك الْيَوْم، فافعل. وَإِذا عثر عاثر من بني آدم فاحمد أَلا تكونه، وَإِيَّاك والطمع، فَإِنَّهُ فقر حَاضر، وَعَلَيْك باليأس، فَإنَّك لن تيأس من شَيْء إِلَّا أَغْنَاك الله عَنهُ، وَإِيَّاك وَمَا يعْتَذر مِنْهُ، فَإِنَّهُ لَا يعْتَذر من خير أبدا، وَإِذا قُمْت إِلَى صَلَاتك فصل صَلَاة مُودع، وَإنَّك ترى أَنَّك لَا تصلي بعْدهَا أبدا. روى عَن الْكَلْبِيّ قَالَ: لما قتل قيس بن زُهَيْر أهل الهبات خرج حَتَّى لحق بالنمر ابْن قاسط فَقَالَ: يَا معاشر النمر، أَنا قيس بن زُهَيْر، حريب طريد، شريد، موتور فانظروا لي امْرَأَة قد أدبها الْغنى وأدبها الْفقر، قَالَ: فَزَوجُوهُ امْرَأَة مِنْهُم فَقَالَ: إِنِّي لَا أقيم فِيكُم حَتَّى أخْبركُم بأخلاقي، إِنِّي فخور غيور آنف، وَلست أَفْخَر حَتَّى أَبْتَلِي، وَلَا أغار حَتَّى أرى، وَلَا آنف حَتَّى أظلم، فرضوا أخلاقه، فَأَقَامَ فيهم حَتَّى ولد لَهُ، ثمَّ أَرَادَ التَّحَوُّل عَنْهُم. فَقَالَ: يَا معشر النمر: إِنِّي أرى لكم عَليّ حَقًا بمصاهرتي إيَّاكُمْ، ومقامي بَين أظْهركُم، وَإِنِّي أوصيكم بخصال آمركُم بهَا، وأنهاكم عَن خِصَال: عَلَيْكُم بالأناة فَإِن بهَا تدْرك الْحَاجة،

<<  <  ج: ص:  >  >>