للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ريحًا، وَلَا تفشين لَهُ سرا، فَإنَّك إِن أفشيت سره، سَقَطت من عينه، وَلم تأمني غدره، وَعَلَيْك بالدهن والكحل فهما أطيب الطّيب. وَزوج عَامر بن الظرب ابْنَته من ابْن أَخِيه، فَلَمَّا أَرَادوا تحويلهما قَالَ لأمها: مري ابْنَتك أَلا تنزل مفازةً إِلَّا وَمَعَهَا مَاء؛ فَإِنَّهُ للأعلى جلاء وللأسفل نقاء، وَلَا تكْثر مضاجعته، فَإِنَّهُ إِذا مل الْبدن مل الْقلب، وَلَا تَمنعهُ شَهْوَته، فَإِن الحظوة الْمُوَافقَة. فَلم تلبث إِلَّا شهرا حَتَّى جَاءَتْهُ مشجوجة، فَقَالَ لِابْنِ أَخِيه: يَا بني، إرفع عصاك عَن بكرتك تسكن فَإِن كَانَت نفرت من غير أَن تنفر، فَذَاك الدَّاء الَّذِي لَيْسَ لَهُ دَوَاء، وَإِن لم يكن بَيْنكُمَا وفَاق ففراق الْخلْع أحسن من الطَّلَاق، وَإِن لم تنزل أهلك وَمَالك، فَرد عَلَيْهِ صداقه، وخلعها مِنْهُ فَهُوَ أول خلع كَانَ فِي الْعَرَب. قَالَ أَكْثَم بن صَيْفِي: ألزموا النِّسَاء المهابة وأكرموا الْخَيل، وَنعم لَهو الْحرَّة المغزل وحيلة من لَا حِيلَة لَهُ؛ الصَّبْر. وَقَالَ أَكْثَم بن صَيْفِي لوَلَده: يَا بني تقاربوا فِي الْمَوَدَّة، وَلَا تتكلوا على الْقَرَابَة. وصّى رجل من ربيعَة ابْنه، فَقَالَ: يَا بني إِذا حزبك أَمر فحك ركبتك بركبة شيخ من قَوْمك، وشاوره، فَإِنِّي أردْت التَّزْوِيج فَأتيت شَيخا من قومِي فِي بادية، فَجَلَست إِلَيْهِ حَتَّى خف من عِنْده، فَقَالَ، يَا ابْن أخي لَك حَاجَة؟ فَقلت: نعم، أردْت التَّزْوِيج فأتيتك أشاورك. فَقَالَ: أقصيرة النّسَب أم طويلته؟ فَمَا أخيرت وَلَا أردأت، - أَي لم اقل خيرا وَلَا رديئاً - فَقَالَ: يَا ابْن أخي إِنِّي لأعرف فِي الْعين إِذا لم تنكر وَلم تعرف، فَأَما الْعين إِذا عرفت فَإِنَّمَا تتحاوص للمعرفة، وَإِذا أنْكرت فَإِنَّهَا تجحظ للإنكار، وَإِذا لم تعرف وَلم تنكر فَإِنَّهَا تسجو سجواً، يَا ابْن أخي، لَا تزوج إِلَى قوم أهل دناءةٍ، أَصَابُوا من الدُّنْيَا عَثْرَة، فتشركهم فِي دناءتهم، وَلَا يشركونك فِي أَمْوَالهم، فَقَالَ، فَقُمْت وَقد أكفيت. أوصت امْرَأَة من كلب ابْنهَا فَقَالَت: يَا بني إِذا رَأَيْت المَال مُقبلا فانفق،

<<  <  ج: ص:  >  >>