للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل مَوضِع عقله، وَرَسُوله مَوضِع سره، واستودعك الله فَإِنَّهُ يَنْبَغِي للْمُودع أَن يسكت، وللمشيع أَن ينْصَرف، وَمَا خف من الْمنطق، وَقل من الْخطْبَة أحب إِلَى أَبِيك. وَأوصى الْمُنْذر بن مَالك البَجلِيّ بنيه وَكَانَ قد أصَاب دِمَاء فِي قومه فلحق ببني هِلَال ابْن عَامر، فَلَمَّا حَضَره الْمَوْت جمع بنيه فَقَالَ: بِاسْمِك اللَّهُمَّ، يَا بني احْفَظُوا أدبي يكفكم وابتغوا وصاتي تلحقوا بِصَالح قومكم، فَإِنِّي لم أكلكم إِلَى أديب حَيّ، وَالْمعْنَى بكم غَائِب عَنْكُم، آثروا مَا يجمل، واقنوا أخياركم، وَأَطيعُوا ذَوي الرَّأْي مِنْكُم، وأجلوا ذَوي أسنانكم، وَلَا تعطوا الدنية، وَإِن كَانَ الصَّبْر على خطة الضيم أبقى لكم، وتناصروا تَكُونُوا حمى، وَإِذا قدمتم على قومكم فلتكن خلتكم وَاحِدَة، وَلَا تسثيروا دَفِين داءٍ لم يدْرك مثله، يقطعوا عَنْكُم النَّار، وتعدموا بقومكم غَيرهم، وَلَا تدبروا أعجاز مَا قد أودت صدوره فتفشلوا، وعفوا عَن الدناءة، ووقروا أهل الْكِفَايَة، وَلَا تواكلوا الرفد والنجدة فتجدي عظتكم، وَاتَّخذُوا لأسراركم من علانيتكم حاجزاً تكفوها، وَلَا تفيلوا الرَّأْي بِالظَّنِّ فيبدع بكم، وأطيلوا الصمت، إِلَّا من حق تسبقوا: والزموا الأناة تقر قدمكم، واغتنموا الفرصة تظفروا، وعجلوا تحمدوا، وَلَا تَأْخُذُوا حبلاً من قَلِيل فَإِن الْقَلِيل ذليل، وخذوا الْحَبل من ذِي الْمرة الكاثر، وشمر لدرك الثأر، ومنعة الْجَار، واظعنوا فِي الشَّهْر الْأَصَم تبلغوا دَار قومكم سَالِمين، واوفوا بالعهد، وَاتَّقوا الْغدر، فشؤم النِّسَاء والغدر أورثاني دَار الغربة. وَأوصى عمر بن يشْكر البَجلِيّ فَقَالَ: يَا بني إِذا غدوتم فكبروا، وَإِذا أرحتم فهجروا، وَإِذا أكلْتُم فأوتروا، وَإِذا شربتم فأسئروا أوتروا، أَي كلوا بِثَلَاث أَصَابِع. أوصى مُصعب بن يشْكر فَقَالَ: يَا بني أوسعوا الحبا، وحلوا الرِّبَا، وَكُونُوا أسى تَكُونُوا حمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>