ولي أَعْرَابِي الْبَحْرين فَجمع الْيَهُود فَقَالَ لَهُم: مَا تَقولُونَ فِي عِيسَى؟ قَالُوا: قَتَلْنَاهُ وصلبناه؛ فَقَالَ: لَا تخْرجُوا من السجْن حَتَّى تُؤَدُّوا دِيَته. قيل لأعرابي: أتعرف أَبَا عَمْرو؟ قَالَ: وَكَيف لَا أعرفهُ؟ وَهُوَ متربع فِي كَبِدِي، يَعْنِي الْجُوع. خرج الْمهْدي يتصيد فغار بِهِ فرسه حَتَّى دفع إِلَى خباء أَعْرَابِي فَقَالَ: يَا أَعْرَابِي: هَل من قرى؟ قَالَ: نعم، وَأخرج لَهُ فضلَة من ملةٍ فَأكلهَا، وفضلةً من لبن فِي كرش فَسَقَاهُ، ثمَّ أَتَاهُ نبيذٍ فِي زكرةٍ، فَسَقَاهُ قَعْبًا، فَلَمَّا شرب الْمهْدي قَالَ: أَدْرِي من أَنا؟ قَالَ: لَا وَالله، قَالَ: أَنا من خدم الْخَاصَّة، قَالَ: بَارك الله لَك فِي موضعك، ثمَّ سقَاهُ آخر، فَلَمَّا شربه قَالَ: يَا أَعْرَابِي أَدْرِي من أَنا؟ قَالَ: نعم زعمت أَنَّك من خدم الْخَاصَّة، قَالَ: لَا بل أَنا من قواد أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَقَالَ: رَحبَتْ بلادك، وَطَالَ مزارك، ثمَّ سقَاهُ قدحاً آخر ثَالِثا، فَلَمَّا فرغ مِنْهُ قَالَ: يَا أَعْرَابِي أَتَدْرِي من أَنا؟ قَالَ: زعمت أخيراً أَنَّك من قواد أَمِير الْمُؤمنِينَ، قَالَ: لَا وَلَكِنِّي أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَأخذ الْأَعرَابِي الزكرة فأوكاها وَقَالَ: وَالله لَئِن شربت الرَّابِع لتقولن: إِنَّك لرَسُول الله، فَضَحِك الْمهْدي وأحاطت بهم الْخَيل وَنزل أَبنَاء الْمُلُوك والأشراف، فطار قلب الْأَعرَابِي فَقَالَ لَهُ: لَا بَأْس عَلَيْك، وَأمر لَهُ بصلَة فَقَالَ: أشهد أَنَّك صَادِق وَلَو ادعيت الرَّابِعَة لَخَرَجت مِنْهَا. رَأَوْا أَعْرَابِيًا يَبُول فِي الْمَسْجِد، فصاحوا إِلَيْهِ فَقَالَ: أَنا وَالله أفقه مِنْكُم، إِنَّه مَسْجِد باهلة. وَقيل لآخر: لم لَا تشتري الْبِطِّيخ؟ قَالَ: لَا وَالله لَا أَشْتَرِي حَتَّى يبلغ من رخصه أَن يكون من تنَاول من بَائِعه بطيخة، وَعدا، رَمَاه بِأُخْرَى. لزم أَعْرَابِي سُفْيَان بن عُيَيْنَة حَتَّى سمع مِنْهُ ثَلَاثَة آلَاف حَدِيث، ثمَّ جَاءَ يودعه فَقَالَ لَهُ سُفْيَان: يَا أَعْرَابِي! مَا أعْجبك من حديثنا؟ قَالَ: ثَلَاثَة أَحَادِيث: حَدِيث عَائِشَة عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يحب الْحَلْوَاء وَيُحب الْعَسَل، وَحَدِيث عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute