هَب لي رحمتك، فَأغْفِر لي، فَإنَّك تَجِد من تعذبه غَيْرِي، وَلَا أجد من يرحمني غَيْرك. فَقَالَ صَاحبه: اقصد حَاجَتك وَلَا تغمز بِالنَّاسِ. أقبل عُيَيْنَة بن حصن الْفَزارِيّ قبل إِسْلَامه إِلَى الْمَدِينَة. فَلَقِيَهُ ركب خَارِجين مِنْهَا، فَقَالَ لَهُم: أخبروني عَن هَذَا الرجل، يَعْنِي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالُوا لَهُ: النَّاس فِيهِ ثَلَاثَة: رجل أسلم فَهُوَ مَعَه يُقَاتل قُريْشًا وَالْعرب، ورجلٌ لم يسلم فَهُوَ يقاتله، وَبينهمْ الترابح، وَرجل يظْهر لَهُ الْإِسْلَام إِذا لقِيه، وَيظْهر لقريش أَنه مَعَهم: قَالَ: مَا يُسمى هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: المُنَافِقُونَ، قَالَ: لَيْسَ فِيمَن وصفتم أحزم من هَؤُلَاءِ، أشهدكم أَنِّي من الْمُنَافِقين. قَالَ الْأَصْمَعِي: مر أَعْرَابِي بِقوم يختصمون فِي مسيل مَاء، فَقَالَ: فيمَ يختصمون؟ قَالُوا: فِي مسيل مَاء. قَالَ: وَالله مَا بلت فِي مَوضِع مرَّتَيْنِ. قَالَ: وَشَكتْ أعرابية زَوجهَا فِي صَوَاحِب لَهَا فَقُلْنَ لَهَا: طلقيه، فَقَالَت: أشهدن أَنه طَالِق، فَقُلْنَ لَهَا: ثني فَقَالَت: اشهدن أَنه طَالِق، فَقُلْنَ لَهَا ثُلثي فَقَالَت: اشهدن أَنِّي طَالِق ثَلَاثًا، فاختصموا إِلَى وَالِي المَاء، فتكلمت فَقَالَ: إيهاً أَفِي ثَلَاث لَا يجوز فيجازيك، الزمي الطَّرِيق المهيع، ودعي ببنات الطَّرِيق، وانتعلي الْمَيِّت، كَيفَ قلت؟ قَالَت: قلت هُوَ طَالِق ثَلَاثًا، قَالَ: فتفكر الْوَالِي سَاعَة، ثمَّ قَالَ: أَرَاك تحلين لَهُ، وَلَا أرَاهُ يحل لَك. حضر أَعْرَابِي مَجْلِسا يتذاكرون فِيهِ قيام اللَّيْل فَقيل لَهُ: يَا أَبَا أُمَامَة أتقوم بِاللَّيْلِ؟ قَالَ أَي وَالله، قَالُوا: فَمَا تصنع؟ قَالَ: أبول فأرجع. قيل لآخر: أَي بنيك الثَّلَاثَة أثقل؟ فَقَالَ: لَيْسَ بعد الْكَبِير أثقل من الصَّغِير إِلَّا الْوَسِيط. اغتاب أَعْرَابِي رجلا، ثمَّ الْتفت فَرَآهُ فَقَالَ: لَو كَانَ خيرا مَا حَضرته. ولي الْمُهلب بعض الْأَعْرَاب كورة بخراسان وعزل والياً كَانَ بهَا، فَلَمَّا وردهَا الْأَعرَابِي، صعد الْمِنْبَر، فَحَمدَ الله، وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: أَيهَا الناص اقصدوا لما أَمركُم الله بِهِ فَإِنَّهُ عز وَجل رغبكم فِي الْآخِرَة الْبَاقِيَة وزهدكم فِي الدُّنْيَا الفانية فرغبتم فِي هَذِه. وزهدتم فِي تِلْكَ، فيوشك أَن تفوتكم الفانية وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute