للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحصل لكم الْبَاقِيَة فتكونوا كَمَا قَالَ الله لَا ماءك أبقيت، وَلَا حرك أنقيت. واعتبروا بِهَذَا الْمَعْزُول عَنْكُم، كَيفَ سعى وَجمع فَصَارَ ذَلِك كُله إِلَيّ، على رغم من أَنفه، وَصَارَ كَمَا قَالَ الله فِي مُحكم كِتَابه: أنعمي أم خَالِد ... رب ساعٍ لقاعد أَتَى أَعْرَابِي برقاقة فتأملها ثمَّ قَالَ: لقد سحقك الدَّهْر. قدم إِلَى أَعْرَابِي كامخ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قيل: كامخ. فَقَالَ: من كمخ بِهِ؟ وَذَلِكَ أَنهم يَقُولُونَ: كمخت الْبَقَرَة إِذا تلطت. وَاجْتمعَ اثْنَان مِنْهُم على كامخ فَقَالَ أَحدهمَا: خيرا وَرب الْكَعْبَة، وذاقه الآخر فاستطابه فَقَالَ: أَحْسبهُ خبز الْأَمِير. دخل أَعْرَابِي على سُلَيْمَان بن عبد الْملك وَبَين يَدَيْهِ فالوذج فَقَالَ: مَا هَذَا يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، قَالَ: هَذَا شَيْء من أكله مَاتَ، قَالَ: أَفلا أذوقه {قَالَ: ذقه، فذاقه وشمر عَن ساعده، وَجعل يَأْكُل وَيَقُول: أوصيكم بعيالي خيرا. مر أَعْرَابِي بقرص سفود وَقد سقط من بعض الْحَاج فَأَخذه فَلَمَّا نظر إِلَى وَسطه رمى بِهِ وَقَالَ: من سلح عَلَيْك؟ لَا حياك الله. قَالَ الْأَصْمَعِي: سمع أَعْرَابِي وَاحِدًا يقْرَأ: " هَل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الَّذين ضل سَعْيهمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وهم يحسبون أَنهم يحسنون صنعا " فَقَالَ: وَأَبِيك، إِنِّي لأعرف هَؤُلَاءِ الْقَوْم بنعتهم فَقيل لَهُ: وَمن هم} قَالَ: الَّذين يثردون، وَيَأْكُل غَيرهم. قدم أَعْرَابِي رجلا إِلَى القَاضِي واستعدى عَلَيْهِ، وَتقدم شَاهِدَانِ فَقَالَا: نشْهد أَنه قد ظلم الْأَعرَابِي، فَقَالَ الْأَعرَابِي: كذبا، مَا ظَلَمَنِي وَلكنه لوى حَقي. نظر بعض الْأُمَرَاء إِلَى أَعْرَابِي كَانَ قَائِما بَين يَدَيْهِ نظرا شَدِيدا، فَقَالَ الْأَعرَابِي: لقد هم الْأَمِير لي بِخَير؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فبشرٍ! قَالَ: لَا، قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>