للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْأَصْمَعِي: صلى بِنَا أَعْرَابِي بالبادية فَقَالَ الْحَمد لله، بفصاحة وَبَيَان، ثمَّ قَالَ: ثَبت مَا يُوسُف ذَوي ماءٍ وَلَا غلَّة، فَأصْبح فِي قَعْر الرَّكية ثاوياً. ثمَّ ركع، فَقلت: يَا أَعْرَابِي، لَيْسَ هَذَا من الْقُرْآن قَالَ: بلَى وَالله، لقد سَمِعت كلَاما هَذَا مَعْنَاهُ. قَالَ: وَقَرَأَ آخر وَالضُّحَى " بِقِرَاءَة حَسَنَة حَتَّى بلغ إِلَى قَوْله: " ألم يجدك يَتِيما فأوى " قَالَ: وَإِن هَؤُلَاءِ العلوج يَقُولُونَ: قَالَ " ووجدك ضَالًّا فهدى " لَا وَالله مَا أقولها فَمَا أَنا ضال، الله أكبر. وَقَرَأَ آخر: " إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح " ثمَّ ارتج عَلَيْهِ، وَجعل يُكَرر فَلم يذكر الْآيَة فَالْتَفت فِي صلَاته وَقَالَ لمن وَرَاءه: قد بقيت عَليّ آيَة لَا أذكرها، وَلَكِنِّي سآتيكم بِآيَة خير مِمَّا نسيت وَهِي: " مُحَلِّقِينَ حجاجاً " الله أكبر. قَالَ: وَسمعت آخر وَهُوَ يَقُول: اللَّهُمَّ هَب لي مَا مضى من سيئ عَمَلي، فَإِن عدت فلك الْخِيَار فِيمَا وهبت لي. قَالَ بَعضهم: رَأَيْت أَعْرَابِيًا فِي بعض أَيَّام الصَّيف قد جَاءَ إِلَى نهر، وَجعل يغوص فِي المَاء، ثمَّ يخرج ثمَّ يغوص أَيْضا، وَيخرج وَكلما خرج مرّة، حل عقدَة من عقدٍ فِي خيطٍ كَانَ مَعَه، قلت: مَا شَأْنك؟ قَالَ: جنابات الشتَاء أحصيهن كَمَا ترى وأقضيهن فِي الصَّيف. وَسُئِلَ آخر عَن مَسْأَلَة من الْفَرَائِض ففكر سَاعَة، ثمَّ قَالَ: انْظُرُوا هَل مَاتَ مَعَ هَذَا الْمَيِّت أحد من قرَابَته؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: إِن الْفَرِيضَة لَا تصح لَا بِمَوْت آخر. وَقدم إِلَى أَعْرَابِي موز فَجعل يقلبه وَيَقُول: لَا أَدْرِي، مِمَّن أتعجب، مِمَّن خاطه، أَو مِمَّن حشاه.!

<<  <  ج: ص:  >  >>