للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أردشير: إِن للآذان مجةً، وللقلوب مللاً، ففرقوا بَين الحكمتين بلهو يكن ذَلِك استجماما. وَكَانَ أنوشروان يَقُول: الْقُلُوب تحْتَاج إِلَى أقواتها من الْحِكْمَة كاحتياج الْأَبدَان إِلَى أقواتها من الْغذَاء. وَقَالَ أردشير: " الدَّاء فِي كل مَكْتُوم ". قَالَ سَابُور: لما رَأَيْت تأتّي الْأَشْيَاء لِذَوي الْجَهْل على جهلهم وانصرافها عَن ذَوي الْأَلْبَاب والعقول، علمت أَن المدبّر غَيرهمَا، وَأَنَّهَا جَارِيَة بِغَيْر تَدْبِير الْعَاقِل والأحمق. قَالَ أردشير: اشغل النَّفس بِمَا يحسن قطعا لَهَا عَمَّا لَا يحسن. كَانَ كسْرَى إِذا غضب على بعض حَاشِيَته هجره وَلم يقطع عَنهُ خَيره، فَقيل لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ: " نَحن نعاقب بالهجران لَا بالحرمان ". وَقَالَ أنوشروان: إياك وَمَا يعْتَذر أَو يستحيا مِنْهُ؛ فَإِنَّمَا يعْتَذر من الذَّنب، ويستحيا من الْقَبِيح. قَالَ أردشير: " الِابْتِدَاء بِالْمَعْرُوفِ، نَافِلَة وربه فَرِيضَة ". قَالَ بزرجمهر: إِذا اشْتبهَ عَلَيْك أَمْرَانِ فَانْظُر أحبهما إِلَى نَفسك فاجتنبه، وَإِذا أعياك فَشَاور امْرَأَة وخالفها. قيل لأردشير: هَل نَدِمت على شَيْء قطّ؟ قَالَ: نعم، على مَعْرُوف أمكنني فأخرته. قيل لأنوشروان: أَي شَيْء أَحَق أَن نجتهد فِيهِ فِي الصِّبَا وَفِي الشَّبَاب وَفِي كل حِين؟ قَالَ: أما فِي الصِّبَا فالتأدب، وَأما فِي الشَّبَاب فَالْعَمَل، وَأما فِي كل حِين فاجتناب الذُّنُوب. قيل لمزدك: مَا الْفرق بَين الْحزن وَالْغَضَب؟ قَالَ: إِذا كَانَ الْأَمر مِمَّن فَوْقك أحزنك، وَأما إِذا كَانَ مِمَّن دُونك أغضبك.

<<  <  ج: ص:  >  >>