للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْلَا الْيَقِين بالبوار النَّازِل على رَأس الْألف من السنين لظَنَنْت أَنْت قد خلّفت فِيكُم مَا إِن تمسكتم بِهِ كَانَ عَلامَة فِي بقائكم مَا بَقِي الدَّهْر، وَلَكِن الفناء إِذا جَاءَت أَيَّامه أطعتم أهواءكم، واستثقلتم ولاتكم، وأمنتم، وتنقلتم عَن مراتبكم، وعصيتم خياركم، وَكَانَ أَصْغَر مَا تخطئون فِيهِ سلّماً إِلَى أكبر مِنْهُ حَتَّى تفتقوا مَا رتقنا، وتُضيعوا مَا حفظنا. وَالْحق علينا وَعَلَيْكُم أَلا تَكُونُوا للبوار أغراضاً، وَفِي الشؤم أعلاما، فَإِن الدَّهْر إِذا أَتَى بِالَّذِي تنتظرون اكْتفى بوحدته. وَنحن نَدْعُو الله تَعَالَى لكم بنماء الْمنزلَة، وَبَقَاء الدولة، دَعْوَة لَا يفنيها فنَاء قَائِلهَا، وَلَا يُميتها موت داعيها حَتَّى المُنقلب، ونسأل الله الَّذِي عجّل بِنَا وأخّركم، وقدّمنا وخلّفكم، أَن يرعاكم رِعَايَة يرْعَى بهَا من تَحت أَيْدِيكُم، وَأَن يرفعكم رفْعَة يضع بهَا من عاداكم، وَأَن يكرمكم كَرَامَة يُهين بهَا من ناوأكم، ونستودعكم الله الْعَظِيم وَدِيعَة يكفيكم بهَا الدَّهْر الَّذِي يُسلمكم وباله وَغَيره وعثراته وغدراته وَالسَّلَام على أهل الْمُوَافقَة مِمَّن يَأْتِي عَلَيْهِ الْعَهْد من الْأُمَم الكائنة بعدِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>