للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتب طَاوس إِلَى مَكْحُول: أما بعد، فَإنَّك قد أصبت بِمَا ظهر من علمك عِنْد النَّاس منزلَة وشرفا، فالتمس بِمَا بطن من عَمَلك عِنْد الله منزلَة وزلفى، وَاعْلَم أَن إِحْدَى المنزلتين ستزيد الْأُخْرَى وَالسَّلَام. قَالَ ابْن الْمُعْتَمِر: النَّاس ثَلَاثَة أَصْنَاف: أَغْنِيَاء، وفقراء، وأوساط، فالفقراء موتى إِلَّا من أغناه الله بعز القناعة، والأغنياء سكارى إِلَّا من عصمه الله بتوقع الْغَيْر، وَأكْثر الْخَيْر مَعَ أَكثر الأوساط، وَأكْثر الرَّاحَة مَعَ الْفُقَرَاء، والأغنياء تستخف بالفقر من بطر الْغنى. قيل لحاتم: علام بنيت أَمرك؟ قَالَ: على أَربع خِصَال: علمت أَن رِزْقِي لَا يَأْكُلهُ غَيْرِي فَلم أهتم بِهِ، وَعلمت أَن عَمَلي لَا يعمله غَيْرِي فَأَنا مَشْغُول بِهِ، وَعلمت أَن الْمَوْت يأتيني بَغْتَة فَأَنا مبادره، وَعلمت أَنِّي بِعَين الله فِي كل حَال فَاسْتَحْيَيْت مِنْهُ. قَالَ بعض السّلف: أَنْت فِي طلب الدُّنْيَا مَعَ الْحَاجة إِلَيْهَا مَعْذُور، وَأَنت فِي طلبَهَا مَعَ الِاسْتِغْنَاء عَنْهَا مغرور. دخل سُفْيَان الثَّوْريّ على الْمهْدي وَهُوَ بِمَكَّة فَقَالَ لَهُ: حَدثنَا أَبُو عمرَان أَيمن بن نابل عَن قدامَة بن عبد الله الْكلابِي قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَرْمِي جَمْرَة الْعقبَة يَوْم النَّحْر: " لَا ضرب، وَلَا طرد، وَلَا إِلَيْك إِلَيْك " فقد رَأَيْت النَّاس يضْربُونَ بَين يَديك. وَجَاء عَن عمر بن الْخطاب أَنه أنْفق فِي حجَّة حَجهَا بضعَة عشر دِينَارا وَقَالَ: مَا أَحسب هَذَا إِلَّا سَرفًا فِي أَمْوَال الْمُسلمين، وَمَا أَرَاك

<<  <  ج: ص:  >  >>