للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ بعض الزهاد: قد أعياني أَن أنزل على رجل يعلم أَنِّي لست آكل من رزقه شَيْئا، قَالَ آخر: يَا ابْن آدم، مَالك تأسف على مَفْقُود لَا يردهُ عَلَيْك الْفَوْت، وتفرح بموجود لَا يتْركهُ فِي يدك الْمَوْت. قَالَ إِبْرَاهِيم بن ادهم: نَحن نسل من نسل الْجنَّة سبانا إِبْلِيس مِنْهَا بالمعصية، وحقيق على المسبي أَلا يهنأ بعيشه حَتَّى يرجع إِلَى وَطنه. قيل لمُحَمد بن وَاسع: فلَان زاهد فَقَالَ: وَمَا قدر الدُّنْيَا حَتَّى يحمد من يزهد فِيهَا؟ . كتب زاهد إِلَى آخر: صف لي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة. فَكتب إِلَيْهِ: " الدُّنْيَا حلم، وَالْآخِرَة يقظة، والمتوسط بَينهمَا الوت، وَنحن فِي أضغاث ننقل إِلَى أجداث ". قيل لآخر: مَالك تدمن الْمَشْي على الْعَصَا، وَلست بكبير وَلَا مَرِيض؟ قَالَ: لأعْلم أَنِّي مُسَافر، وَأَنَّهَا دَار قُلعة، فَإِن الْعَصَا من آلَة السّفر. قيل لآخر: أَتعبت نَفسك، قَالَ: راحتها أطلب. كتب آخر إِلَى عَابِد: بَلغنِي تفرغك لِلْعِبَادَةِ فَمَا سَبَب المعاش؟ فَكتب إِلَيْهِ: يَا بطال يبلغك عني أَنِّي مُنْقَطع إِلَى الله وتسألني عَن المعاش؟ . قَالَ الرشيد لِابْنِ السمّاك: عظني وأوجز. فَقَالَ: اعْلَم أَنَّك أول خَليفَة يَمُوت. قيل لأبي حَازِم: مَا مَالك؟ قَالَ: شَيْئَانِ لَا عدم لي مَعَهُمَا: الرضى عَن الله، والغنى عَن النَّاس. شتم رجل زاهداً، فَقَالَ لَهُ: هِيَ صحيفتك أمل فِيهَا مَا شِئْت. قَالَ سُفْيَان: إِذا أردْت أَن تعرف الدُّنْيَا فَانْظُر عِنْد من هِيَ. وَقَالَ غَيره: " كل شَيْء فاتك من الدُّنْيَا فَهُوَ غنيمَة ". وَقَالَ معدان: اعْمَلْ للدنيا على قدر مكثك فِيهَا، وللآخرة كَذَاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>