قيل لميمون بن مهْرَان: إِن رقيّة امْرَأَة هِشَام مَاتَت فأعتقت كل مَمْلُوك لَهَا، فَقَالَ مَيْمُون: يعصون الله مرَّتَيْنِ: يتجملون بِهِ وَهُوَ فِي أَيْديهم بِغَيْر حق. فَإِذا صَار لغَيرهم أَسْرفُوا فِيهِ. عزّى رجل الرشيد فَقَالَ: آجرك الله فِي الْبَاقِي، ومتّعك بالفاني: فَقَالَ: وَيحك، مَا تَقول؟ وَظن أَنه غلط، فَقَالَ: ألم تسمع الله يَقُول: " مَا عنْدكُمْ ينْفد وَمَا عِنْد الله بَاقٍ " فسرّي عَنهُ. دخل عمر بن ذَر على ابْنه وَهُوَ يجود بِنَفسِهِ فَقَالَ: يَا بني إِنَّه مَا علينا من موتك غَضَاضَة، وَلَا بِنَا إِلَى أحد سوى الله حَاجَة، فَلَمَّا قضى نحبه، وَصلى عَلَيْهِ، وواراه، وقف على قَبره فَقَالَ: يَا ذَر، إِنَّه قد شغلنا الْحزن لَك عَن الْحزن عَلَيْك؛ لأَنا لَا نَدْرِي مَا قلت وَمَا قيل لَك، اللَّهُمَّ إِنِّي قد وهبت لَهُ مَا قصّر فِيهِ مِمَّا افترضت عَلَيْهِ من حَقي، فَهَب لي مَا قصّر فِيهِ من حَقك، وَاجعَل ثوابي عَلَيْهِ لَهُ، وزدني من فضلك إِنِّي إِلَيْك من الراغبين. قَالَ بعض الصَّالِحين: لَو أنزل الله عز وجلّ كتابا أَنه معذّب رجلا وَاحِدًا لخفت أَن أكونه، وَأَنه رَاحِم رجلا وَاحِدًا لرجوت أَن أكونه، وَأَنه معذبي لَا محَالة مَا ازددت إِلَّا اجْتِهَادًا. لِئَلَّا أرجع على نَفسِي بلائمة. وَقَالَ مطرّف بن عبد الله لِابْنِهِ: " يَا عبد الله، الْعلم أفضل من الْعَمَل، والحسنة بَين السيئتين كَقَوْل الْحق بَين فعل المقصر والغالي ". وَمن كَلَامه: " خير الْأُمُور أوساطها، وَشر السّير الْحَقْحَقَةُ، وَشر الْقِرَاءَة الْهَذْرَمَةُ ". وَكَانَ ابْن السمّاك يَقُول: إِذا فعلت الْحَسَنَة فافرح بهَا واستقللها؛ فَإنَّك إِذا استقللتها زِدْت عَلَيْهَا، وَإِذا فرحت بهَا عدت إِلَيْهَا. ويروى عَن أويس الْقَرنِي أَنه قَالَ: " حُقُوق الله لم تدع عِنْد مُسلم درهما ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute