للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ يحيى بن معَاذ الرَّازِيّ: إِن لله عَلَيْك نعمتين: السَّرَّاء للتذكير، وَالضَّرَّاء للتطهير، فَكُن فِي السَّرَّاء عبدا شكُورًا، وَفِي الضراء حرا صبورا ". دخل ابْن السمّاك يَوْمًا على الرشيد فَدَعَا الرشيد بِمَاء ليشربه فَقَالَ: مَاء! ناشدتك الله، أَرَأَيْت لَو مُنعت من شربه مَا الَّذِي كنت فَاعله؟ فَقَالَ: كنت أفتديه بِنصْف ملكي، فَقَالَ: اشرب هَنِيئًا لَك، فَلَمَّا فرغ من شربه قَالَ: ناشدتك الله، أَرَأَيْت لَو منعت من خُرُوجه ماك نت تفعل؟ قَالَ: كنت أفتديه بِنصْف ملكي، فَقَالَ: إِن ملكا يفتدى بِشَربَة مَاء لخليق بألا ينافس عَلَيْهِ. كَانَ يحيى بن معَاذ يَقُول للنَّاس: لَا تَكُونُوا مِمَّن يفضحهم يَوْم مَوْتهمْ مِيرَاثه، وَيَوْم الْقِيَامَة ميزانهز قَالَ الْمَنْصُور لعَمْرو بن عبيد: عظني، فَقَالَ: أعمّا رَأَيْت أَو مَا سَمِعت؟ فَقَالَ: بل عظني بِمَا رَأَيْت، فَقَالَ لَهُ: مَاتَ عمر بن عبد الْعَزِيز فخلّف أحد عشر ابْنا وَبَلغت تركَتُه سَبْعَة عشر دِينَارا، كُفّن مِنْهَا بِخَمْسَة دَنَانِير، وَاشْترى مَوضِع قَبره بدينارين، وَأصَاب كل وَاحِد من وَلَده ثَمَانِيَة عشر قيراطا، وَمَات هِشَام فخلّف أحد عشر ابْنا وَأصَاب كل وَاحِد من وَلَده ألف ألف دِينَار، فَرَأَيْت رجلا من ولد عمر بن عبد الْعَزِيز قد حمل فِي يَوْم وَاحِد على مائَة فرس فِي سَبِيل الله، وَرَأَيْت رجلا من ولد هِشَام يسْأَل النَّاس ليتصدق عَلَيْهِ. قَالَ بَعضهم: الدُّنْيَا دَار تِجَارَة، فويل لمن تزوّد مِنْهَا الخسارة. قَالَ بَعضهم: اصْبِرُوا عباد الله على عمل لَا غنى بكم عَن ثَوَابه، واصبروا عَن عمل لَا صَبر لكم على عِقَابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>