للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سحاحا، فَأكلت اللَّحْم وشربت اللَّبن، وائتدمت بالسمن، ولبست الصُّوف، وتركتها عظاماً، مَا تقَعْقع ". قيل: طَاف الرشيد بِالْبَيْتِ فوطئ جَرَادَة، فَلم يدر مَا عَلَيْهِ فِيهَا، فَبعث الْمَأْمُون إِلَى الفضيل بن عِيَاض، فسلّم عَلَيْهِ وَقَالَ: أَمِير الْمُؤمنِينَ يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام وَيَقُول: لنا إِلَيْك حَاجَة فَأحب أَن تصير إِلَيْنَا، فَلم يُجب الفضيل بِشَيْء، فَرجع الْمَأْمُون وَقَالَ: رَأَيْت رجلا لَيست بِهِ إِلَيْك حَاجَة، فَقَامَ الرشيد مغضباً حَتَّى تخوّفنا على الفضيل مِنْهُ، قَالَ: فَوقف عَلَيْهِ وسلّم، فوسّع الفُضيل، أورد السَّلَام عَلَيْهِ، فَلَمَّا جلس أقبل على الفضيل فَقَالَ: رَحِمك الله، قد كَانَ الْوَاجِب أَن تَأْتِينَا، وتعرف حقّنا؛ إِذْ ولاّنا الله أُمُوركُم، وصيرنا الحكُام فِي دمائكم، والذابين عَن حريمكم، وَإِذ لم تأتنا فقد أَتَيْنَاك، إِنِّي وطِئت الْآن فِي الطّواف على جندبة فَمَا دِيَتهَا؟ قَالَ: فَبكى الفضيل بكاء شَدِيدا حَتَّى علا صَوته، وَقَالَ: إِذا كَانَ الرَّاعِي يسْأَل الْغنم هَلَكت الْغنم، وَإِنَّمَا يجب على الرَّاعِي أَن يرتاد لغنمه الرعى وجيد الْكلأ وعذب المَاء، فَإِذا كنت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ غافلاً عَن معالم الدّين فَبِأَي شَيْء تسوس رعيتك؟ قَالَ: فَخَجِلَ الرشيد حَتَّى عرق وَانْصَرف. اخْتلفُوا بِحَضْرَة الزُّهْرِيّ فِي معنى قَول الْقَائِل: فلَان زاهد، فَقَالَ الزُّهْرِيّ: الَّذِي لَا يغلب الْحَرَام صبره وَلَا الْحَلَال شكره. قَالَ عمر بن ذَر: الْحَمد لله الَّذِي جعلنَا من أمة تُغفر لَهُم السَّيِّئَات وَلَا تُقبل من غَيرهم الْحَسَنَات. قَالَ يُونُس بن عبيد: سَمِعت ثَلَاث كَلِمَات لم أسمع بِأَعْجَب مِنْهُنَّ: قَول حسان ابْن أبي سِنَان: مَا شَيْء أَهْون من ورع، إِذا رَابَك شَيْء فَدَعْهُ. وَقَول ابْن

<<  <  ج: ص:  >  >>