للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِيرِين: مَا حسدت أحدا على شَيْء قطّ. وَقَول موّرق الْعجلِيّ: لقد سَأَلت الله حَاجَة أَرْبَعِينَ سنة مَا قَضَاهَا وَلَا يئست مِنْهَا، قيل: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: ترك مَا لَا يعنيني. قَالَ أَبُو حَازِم الْأَعْرَج: إِن عوفينا من شَرّ مَا أُعطينا لم يضرنا فقد مَا زوي عَنَّا. وَقَالَ: الدُّنْيَا غرّت أَقْوَامًا فعملوا فِيهَا بِغَيْر الْحق ففاجأهم الْمَوْت فخلّفوا مَا لَهُم لمن لَا يحمدهم، وصاروا إِلَى من لَا يعذرهم، وَقد خلفنا بعدهمْ فَيَنْبَغِي لنا أَن نَنْظُر إِلَى الَّذِي كرهنا مِنْهُم فنجتنبه، وَالَّذِي غبطناهم بِهِ فنستعمله. قَالَ قَتَادَة: يُعطي الله العَبْد على نِيَّة الْآخِرَة مَا شَاءَ من الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَلَا يُعْطِيهِ على نِيَّة الدُّنْيَا إِلَّا الدُّنْيَا. قَالَ مطرّف بن عبد الله: لَا تنظروا إِلَى خفض عيشهم، ولين لباسهم، وَلَكِن انْظُرُوا إِلَى سرعَة ظعنهم، وَسُوء منقلبهم. لقى ناسك ناسكاً وَمَعَهُ خف، فَقَالَ لَهُ: مَا تصنع بِهَذَا؟ قَالَ: عدَّة للشتاء، قَالَ: كَانُوا يستحيون من هَذَا. رأى ناسك ناسكاً فِي الْمَنَام فَقَالَ: كَيفَ وجدت الْأَمر يَا أخي؟ قَالَ: وجدنَا مَا قدّمنا، وغرمنا مَا أنفقنا، وَخَسِرْنَا مَا خلّفنا. قَالَ أَبُو حَازِم: نَحن لَا نُرِيد أَن نموت حَتَّى نتوب، وَنحن لَا نتوب حتة نموت. قَالُوا: لَيْسَ فِي النَّار عَذَاب أَشد على أَهلهَا من علمهمْ بِأَنَّهُ لَيْسَ لكربهم تَنْفِيس، وَلَا لضيقهم ترفيه، وَلَا لعذابهم غَايَة، وَلَيْسَ فِي الْجنَّة نعيم أبلغ من علمهمْ بِأَن ذَلِك الْملك لَا يَزُول. سمع مطرّف رجلا يَقُول: أسْتَغْفر الله وَأَتُوب إِلَيْهِ، فَأخذ بذراعه وَقَالَ: لَعَلَّك لَا تفعل! من وعد فقد أوجب. قَالَ رجل من الزهاد: إِذا ابْتليت أَن تدخل مَعَ النَّاس إِلَى سُلْطَان فَإِذا أخذُوا فِي الثَّنَاء فَخذ فِي الدُّعَاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>