للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومسيء. أَيْن الأرباب الفعلة، ليصلح كل عَامل عمله، كلا بل هُوَ الله إِلَه وَاحِد، لَيْسَ بمولود وَلَا وَالِد، اعاد وَأبْدى، وَإِلَيْهِ المآب غَدا. أما بعد: يَا معشر إياد، أَيْن ثَمُود وَعَاد، وَأَيْنَ الْآبَاء والأجداد، أَيْن الْحسن الَّذِي لم يشْكر، وَالظُّلم الَّذِي لم ينقم؟ كلا وَرب الْكَعْبَة ليعودن مَا بدا، وَلَئِن ذهب يَوْمًا ليعودن يَوْمًا مَا، افهموا مَا سَمِعْتُمْ، واحفظوا وعوا. تمنى قوم عِنْد يزِيد الرقاشِي فَقَالَ: أَتَمَنَّى أَنا كَمَا تمنيتم، فَقَالُوا: تمن، فَقَالَ: ليتنا لم نخلق، وليتنا إِذْ خلقنَا لم نعص، وليتنا إِذْ عصينا لم نمت، وليتنا إِذْ متْنا لم نبعث، وليتنا إِذْ بعثنَا لم نحاسب، وليتنا إِذْ حوسبنا لم نعذب، وليتنا إِذْ عذبنا لم نخلد. قَالُوا إِن رَأس مَال أبي خُزَيْمَة كَانَ درهما وَاحِدًا سِتِّينَ سنة، كَانَ يشترى صُوفًا فيغزله ويبيعه. قَالَ مُحَمَّد بن سَلام: قَالَ لنا يُونُس ذَا صباح: إِنِّي فَكرت فِي أَمر فَاسْمَعُوا، قُلْنَا: هَات، قَالَ: كل من أصبح على وَجه الأَرْض فِي النَّار، فَقُلْنَا مَا تزيد؟ قَالَ: إِلَّا أمتنَا هَذِه، فَإِذا صرت إِلَى أمتنَا فالسلطان وَمن يطِيف بِهِ هلكي إِلَّا الْقَلِيل، وَإِذا قطعت هَذِه الطَّبَقَة حَتَّى تبلغ الشاش والبطائح، فَأَكلَة رَبًّا وباعته وشربة خمر وباعتها إِلَّا الْقَلِيل، وَإِذا خلفت هَذَا الخَنْدَق حَتَّى تَأتي رمل يبرين وأعلام الرّوم، فَلَا غسل من جَنَابَة وَلَا إسباغ وضوء، وَلَا إتْمَام صَلَاة وَلَا علم بحدود مَا أنزل الله على رَسُوله إِلَّا قَلِيل، فَإِذا صرت إِلَى الْأَمْصَار فأصحاب هَذِه الكراسي من أهل السُّوق والكلأ فَلَيْسَ إِلَّا ذِئْب مُستد فر بذئبة، يختلك عَن دينارك ودرهمك، يكذب فِي الْمُرَابَحَة، ويطفف فِي الْمِكْيَال، ويخسر فِي الْمِيزَان، إِلَّا قَلِيل، فَإِذا صرت إِلَى أَصْحَاب هَذِه الغلات الَّذين كفوا المؤونة وأنعم الله عَلَيْهِم، فيُمسى أحدهم سَكرَان، وَيُصْبِح مخموراً إِلَّا قَلِيل، وَالله الرَّحْمَن إِن فِي هَذِه الدَّار معب لقطيعاً، فَإِذا صرت إِلَى قوم دون هَؤُلَاءِ لم يُنعم

<<  <  ج: ص:  >  >>