للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرع رجل بَاب بَعضهم، فَقَالَ لجاريته: أبصري من القارع، فَقَالَت: من ذَا؟ قَالَ: أَنا صديق لمولاك، قَالَ الرجل: قولي: وَالله إِنَّك لصديق؟ فَقلت لَهُ، فَقَالَ: وَالله إِنِّي لصديق، فَنَهَضَ الرجل، وَبِيَدِهِ سيف وكيس، يَسُوق جَارِيَته وَفتح الْبَاب وَقَالَ: مَا شَأْنك؟ قَالَ: راعني أَمر، قَالَ: لَا بك مَا ساءك، فَإِنِّي قد قسمت أَمرك بَين نائبة فَهَذَا المَال، وَبَين عدوّ فَهَذَا السَّيْف، أَو أيمة فَهَذِهِ الْجَارِيَة. أولم عدي بن حَاتِم وَلِيمَة فَقَالَ لِابْنِ لَهُ حدث: كن بِالْبَابِ فَأذن لمن تعرف، وامنع من لَا تعرف، فَقَالَ لَهُ مرتجلاً: أَنا فِي الطَّاعَة أمضي ... لَك من سيف حسام لَا يكن أول مَا ول ... لَيْتَني منع الطَّعَام فضمّه إِلَيْهِ وَقَالَ: نزعك عرق جدك. مر يزِيد بن الْمُهلب بأعرابية فِي خُرُوجه من سجن عمر بن عبد الْعَزِيز يُرِيد الْبَصْرَة فقرته عَنْزًا فقبلها، ثمَّ قَالَ لِابْنِهِ مُعَاوِيَة: مَا مَعَك من النَّفَقَة؟ قَالَ: ثَمَان مائَة دِينَار، قَالَ: فادفعها إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ ابْنه: إِنَّك تُرِيدُ الرِّجَال، وَلَا تكون الرِّجَال إِلَّا بِالْمَالِ، وَهَذِه يرضيها الْيَسِير، وَهِي بعد لَا تعرفك. قَالَ: إِن كَانَت ترْضى باليسير فَإِنِّي لَا أرْضى إِلَّا بالكثير، وَإِن كَانَت لَا تعرفنِي فَإِنِّي أعرف نَفسِي، ادفعها إِلَيْهَا. قَالَ الْأَحْنَف: كثرت عليّ الدِّيات بِالْبَصْرَةِ لما قتل مَسْعُود، فَلم أَجدهَا فِي حَاضِرَة تَمِيم فَخرجت نَحْو يبرين فَسَأَلت عَن الْمَقْصُود هُنَاكَ، فأرشدت إِلَى قبَّة، فَإِذا شيخ جَالس بفنائها مؤزر بشملة محتب بِحَبل فسلّمت عَلَيْهِ، وانتسبت لَهُ. فَقَالَ: مَا فعل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ قلت: توفّي، قَالَ: فَمَا فعل عمر بن الْخطاب الَّذِي كَانَ يحفظ الْعَرَب ويحوطها؟ قلت: مَاتَ. قَالَ: فَأَي خير فِي حاضرتكم بعدهمَا؟ قَالَ: فَذكرت الدِّيات الَّتِي لزمتنا للأزد وَرَبِيعَة، فَقَالَ: أقِم، فَإِذا رَاع قد أراح عَلَيْهِ ألف بعير فَقَالَ: خُذْهَا، ثمَّ أراح عَلَيْهِ آخر مثلهَا، فَقَالَ: خُذْهَا، قلت: لَا أحتاج إِلَيْهَا، فَانْصَرَفت بِالْألف، وَوَاللَّه مَا أَدْرِي من هُوَ إِلَى السَّاعَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>