كَانَ يُقَال لطلْحَة بن عبيد الله: طَلْحَة الْخَيْر، وَطَلْحَة الْجُود. ورُوي أَنه بَاعَ ضَيْعَة لَهُ بِخَمْسَة آلَاف ألف دِرْهَم، فقسّمها فِي الأطباق، وَأَنه مَنعه أَن يخرج إِلَى الْمَسْجِد حَتَّى لُفق لَهُ بَين ثوبيه. وَيُقَال: إِن شَاعِرًا أَتَى أَبَا البخْترِي وهب بن وهب - وَكَانَ جواداً - فمدحه فهشّ إِلَيْهِ وثنى لَهُ الوسادة ورفده وَحمله وأضافه، فَلَمَّا أَرَادَ الرجل الرحلة لم يَخْدمه أحد من غلْمَان أبي البحتري، وَلَا عقد لَهُ وَلَا حل، فَأنْكر الرجل ذَلِك مَعَ جميل فعله بِهِ، فعاتب بَعضهم، فَقَالَ لَهُ الْغُلَام: إِنَّا إِنَّمَا نعين النَّازِل على الْإِقَامَة، وَلَا نعين الراحل على الْفِرَاق، فَبلغ هَذَا الْكَلَام جَلِيلًا من القرشيين فَقَالَ: وَالله لفعل هَؤُلَاءِ العبيد على هَذَا الْمَقْصد أحسن من رفد سيدهم. قَالَ أَبُو يَعْقُوب الْخطابِيّ: قدمت على السّري بن عبد الله فتحرّك، فَرَأَيْت عَلَيْهِ إزاراً قوّمته خَمْسَة دَرَاهِم فأبدرته بَصرِي فَقَالَ: هَذَا إزَارِي، وَقد فرقت فِي قَوْمك الْعَام أَرْبَعِينَ ألف دِينَار؟ ! . قَالَ معن بن زَائِدَة: قاتلنا ابْن هُبَيْرَة بواسط فظفرنا وغنمنا، وأصابني عشرَة آلَاف دِرْهَم فرّقتها فِي زوّاري وأضيافي، وأحرز أَصْحَابِي مَا كَانَ لَهُم، فَلَمَّا كَانَ الْغَد ظفر بِنَا وَأخذ مَا كَانَ مَعَ أَصْحَابِي، وَبَقِي مَا كَانَ لي منناً فِي أَعْنَاق الرِّجَال. بَاعَ حَكِيم بن حزَام من مُعَاوِيَة دَاره بستين ألف دِينَار، فَقيل لَهُ: غبنك مُعَاوِيَة. فَقَالَ: وَالله مَا أَخَذتهَا فِي الْجَاهِلِيَّة إِلَّا بزقّ خمر، وأشهدكم أَنَّهَا فِي سَبِيل الله فانظروا أَيّنَا المغبون؟ . قَالَ بعض الْعَرَب: " حدّث عَن الْبَحْر وَلَا حرج، وحدّث عَن بني إِسْرَائِيل وَلَا حرج، وحدّث عَن معن وَلَا حرج ". ذُكر عِنْد سُفْيَان بن عُيَيْنَة سخاء عبد الله بن جَعْفَر وتُعُجب مِنْهُ، فَقَالَ: كَيفَ يُتعجب من سخائه وَقد دَعَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لجَعْفَر أَن يخلفه الله فِي وَلَده - بِأَفْضَل مَا خلف بِهِ أحدا من عباده الصَّالِحين - السخاء؟ .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute