للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَآله لآخر: " لَوْلَا سخاء فِيك ومقك الله عَلَيْهِ لشردت بك أُفٍّ لَك من وَافد قوم ". وَرُوِيَ أَن الله تَعَالَى أوحى إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام " لَا تقتل السامريّ فَإِنَّهُ سخيّ ". أنفذ جبلة بن الْأَيْهَم من الرّوم مَالا إِلَى حسان بن ثَابت، فَلَمَّا أَتَاهُ الرَّسُول وأقرأه السَّلَام عَن جبلة، قَالَ لَهُ: هَات مَا بعث مَعَك من المَال، قَالَ: وَمَا علمك بِأَنَّهُ بعث معي بِشَيْء؟ قَالَ: مَا أرسل إِلَيّ بِالسَّلَامِ قطّ إِلَّا وَمَعَهُ مَال. كَانَ الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن بن الْحَارِث بن هِشَام فِي جَيش مسلمة حِين غزا الرّوم فِي خلَافَة عمر بن عبد الْعَزِيز إِلَى أَن بلغ فِيهَا الْقُسْطَنْطِينِيَّة فتشابها فسامه مسلمة بِمَالِه الَّذِي يعرف بالمعرضة فَأبى الْمُغيرَة أَن يَبِيعهُ، ثمَّ أَصَابَت أهل تِلْكَ الْغُزَاة مجاعَة فَبَاعَهُ إِيَّاه بِخَمْسَة عشر ألف دِينَار فنقده مسلمة الثّمن، فَبعث الْمُغيرَة بذلك المَال مَعَ من اشْترى لَهُ إبِلا من كلب، وَاشْترى لَهُ دَقِيقًا وزيتاً وقباطيّ، وَحمل ذَلِك على الْإِبِل، وَكَانُوا لَا يقدرُونَ على الْحَطب، فَأمر بِالْقبَاطِيِّ فأُدرجت بالزيت وأوقدها، وَنحر الْإِبِل واطّبخ واختبز وَأطْعم النَّاس، وَكَانَ فِي تِلْكَ الْغُزَاة أَخُوهُ أَبُو بكر بن عبد الرَّحْمَن فَقيل لَهُ: نرى نَارا فِي الْعَسْكَر، فَقَالَ: لَا تجدونها إِلَّا فِي رَحل الْمُغيرَة من طَعَامه. فَلَمَّا قفل النَّاس من غزاتهم تِلْكَ وَبلغ الْخَبَر عمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ عمر لمسلمة: أَنْت كنت أقوى وَأولى بإطعام النَّاس من الْمُغيرَة، وَذَلِكَ لَك ألزم؛ لِأَنَّك إِنَّمَا كنت تطعمهم من بعض مَالك، وَهُوَ أطْعمهُم بحطمة مَاله، فاقصمه البيع، فَإِنَّهُ بيع ضغطة لَا يجوز، فَعرض ذَلِك مسلمة على الْمُغيرَة فَأبى، وَقَالَ: قد أنفذت البيع. فَأمر عمر بن عبد الْعَزِيز بِتِلْكَ الضَّيْعَة فَردَّتْ على الْمُغيرَة، وَأمر بِالْمَالِ يدْفع إِلَى مسلمة من بَيت المَال، فتصدّق الْمُغيرَة بالمعرضة، أَو أَمر أَن يُطعم الْحَاج مِنْهَا يَوْم عَرَفَة وَثَلَاثَة منى، فَهُوَ السويق وَالسمن وَالتَّمْر الَّذِي يُطعم بمنى من صَدَقَة الْمُغيرَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>