فَقَالَ هِشَام لكَاتبه: اكْتُبْ إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ، وعرّفه أَن أَبَا مُسلم قد خلع الطَّاعَة. قيل: دخل الْحسن بن سهل إِلَى الْمَأْمُون فَحلف عَلَيْهِ أَن يشرب عِنْده فَأخذ الْقدح بِيَدِهِ، فَقَالَ لَهُ: بحقّي عَلَيْك إلاّ أمرت من شِئْت أَن يغنّيك فَأَوْمأ الْحسن إِلَى إِبْرَاهِيم ابْن الْمهْدي. فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُون: غنّه يَا إِبْرَاهِيم، فَانْدفع وغنّى: تسمع للحلي وسواساً إِذا انصرفت ... كَمَا اسْتَعَانَ برِيح عشرق زجل فَغَضب الْمَأْمُون، ووثب عَن مَجْلِسه، ودعا بإبراهيم فَقَالَ لَهُ: لَا تدع كيدك وغلّك؟ أنفت من إيمائه إِلَيْك، فغنيته - معرّضاً بِمَا يعرّض لَهُ من السوَاد - بِشعر فِيهِ ذكر الوسواس؟ وَالله لقد كنت أقدمت على قَتلك حَتَّى قَالَ لي: إِن قتلته فعلت مَا فعله النَّاس قبلك، وَإِن عَفَوْت عَنهُ فعلت مَا لم يَفْعَله أحد قبلك فعفوت عَنْك لقَوْله، فَلَا تعد. قَالُوا: مَا فتح قُتَيْبَة بن مُسلم سَمَرْقَنْد أفْضى إِلَى أثاث لم ير مثله وآلات لم ير مثلهَا، فَأَرَادَ أَن يري النَّاس عَظِيم مَا فتح الله عَلَيْهِم، فَأمر بدار ففرشت لَهُ، وَفِي صحنها قدور يرتقى إِلَيْهَا بالسلاليم، فَإِذا بالحضين بن الْمُنْذر بن الْحَارِث بن وَعلة الرقاشِي قد أقبل - وَالنَّاس جُلُوس على مَرَاتِبهمْ، والحضين شيخ كَبِير - فَلَمَّا رَآهُ عبد الله بن مُسلم قَالَ لقتيبة: ائْذَنْ لي فِي مُعَاتَبَته؟ قَالَ: لَا ترده فَإِنَّهُ خَبِيث الْجَواب، فَأبى عبد الله إِلَّا أَن يَأْذَن لَهُ، وَكَانَ عبد الله يُضعّف، وَكَانَ تسوّر حَائِطا إِلَى امْرَأَة قبل ذَلِك، فَأقبل على الحضين فَقَالَ: أَمن الْبَاب دخلت يَا أَبَا ساسان؟ قَالَ: أجل. أسنّ عمّك عَن تسوّر الْحِيطَان، يعرض بِهِ، قَالَ: أَرَأَيْت هَذِه الْقُدُور؟ قَالَ: هِيَ أعظم من أَلا ترى. قَالَ: مَا أَحسب بكر بن وَائِل رأى مثلهَا؟ قَالَ: أجل، وَلَا عيلان لَو كَانَ رَآهَا سُمّي شبعان، وَلم يُسمّ عيلان، قَالَ لَهُ عبد الله: يَا أَبَا ساسان: أتعرف الَّذِي يَقُول:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute