للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شخص أَبُو الشمقمق مَعَ خَالِد بن يزِيد بن مزِيد، وَقد تقلّد الْموصل، فَلَمَّا أَرَادَ الدُّخُول إِلَيْهَا اندقّ لِوَاؤُهُ فثي أول درب مِنْهَا، فتطيّر من ذَلِك وَعظم عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبُو الشمقمق: مَا كَانَ مندق اللِّوَاء لريبة ... تُخشى، وَلَا أَمر يكون مبدّلا لَكِن هَذَا الرمْح ضعف مَتنه ... صغر الْولَايَة فاستقلّ الموصلا فسرّي عَن خَالِد، وَكتب صَاحب الْبَرِيد بذلك إِلَى الْمَأْمُون، فزاده ولَايَة ديار ربيعَة، وَكتب إِلَيْهِ: هَذَا التَّضْعِيف لوصل متن رمحك. فَأعْطى خَالِد أَبَا الشمقمق عشرَة آلَاف دِرْهَم. جَاءَ رجل فَوقف بِبَاب الْمهْدي، وَأعلم الرّبيع أَنه قد رأى للمهدي رُؤْيا يُرِيد أَن يقصّها عَلَيْهِ مشافهةً، فَاسْتَأْذن لَهُ، فَدخل، وَكَانَ الرجل ذَا رواء وهيئة فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْت كَأَن آتِيَا أَتَانِي، فَقَالَ: أخبر أَمِير الْمُؤمنِينَ أَنه يعِيش ثَمَانِينَ سنة والعلامة أَنه يرى فِي مَنَامه فِي هَذِه اللَّيْلَة ثَمَانِينَ فصّاً يَوَاقِيت قد وُهبت لَهُ. قَالَ: تُمتحن هَذِه اللَّيْلَة، فَإِن صدقت رُؤْيَاك أعطيناك، وَإِن كَانَ الْأَمر بِخِلَاف ذَلِك لم نعاقبك. لِأَن الرُّؤْيَا تصدق وَتكذب. فَقَالَ الرجل: فَمَا تَقول لي عيالي وصبياني إِذا علمُوا أَنِّي وصلت إِلَى الْخَلِيفَة وبشّرته وَخرجت هَكَذَا. فيعجّل إليّ أَمِير الْمُؤمنِينَ شَيْئا من صلته، وانا أَحْلف بِالطَّلَاق أَنِّي مَا كذبت، فَأمر لَهُ بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم، وَأخذ مِنْهُ كَفِيلا ليحضر فِي غَد، فَلَمَّا كَانَ تِلْكَ اللَّيْلَة رأى الْمهْدي فِي الْمَنَام مَا قَالَه الرجل، وَأصْبح مُتَعَجِّبا، وَحضر الرجل، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: مَا رَأَيْت شَيْئا. فَقَالَ الرجل: امْرَأَته طَالِق إِن لم تكن رَأَيْت ذَلِك فَقَالَ: وَيلك! أَحْلف لَك بِالطَّلَاق قد وَالله رَأَيْت ذَلِك. فَقَالَ: الله أكبر، يجب أَن تفي بِمَا وَعَدتنِي. فَأمر لَهُ بِثَلَاثَة آلَاف دِينَار، وَأَخذهَا وَانْصَرف. فَقيل للرجل بعد ذَلِك: هَل صدقت؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي لما ألقيت إِلَيْهِ ذَلِك أخطره بِبَالِهِ، وحدّث بِهِ نَفسه، وشغل بِهِ فكره، فَرَآهُ فِي الْمَنَام، فَحَلَفت بِالطَّلَاق، وطلّقتُها وَاحِدَة، وزدت فِي مهرهَا عشرَة دَرَاهِم، وَأخذت خمسين ألف دِرْهَم.

<<  <  ج: ص:  >  >>