لما انْصَرف أَبُو مُسلم من حَرْب عبد الله بن عليّ رأى كَأَنَّهُ على فيل وَالشَّمْس وَالْقَمَر فِي حجره، فَأرْسل إِلَى عَابِر كَانَ يألفه، وقصّ عَلَيْهِ - فَقَالَ: الرَّسْم، فَقبض عشرَة آلَاف دِرْهَم، وَقَالَ: قل، فَقَالَ: اعهد عَهْدك فَإنَّك هَالك قَالَ الله: " ألم تَرَ كبف فعل رَبك بأصحاب الْفِيل، ألم يَجْعَل كيدهم فِي تضليل "؟ وَقَالَ: " وجُمع الشَّمْس وَالْقَمَر. يَقُول الْإِنْسَان يَوْمئِذٍ أَيْن المفر ". اضْطر النَّاس فِي قديم الدَّهْر إِلَى ملك، فَجَاءُوا بِوَاحِد، وَوَضَعُوا التَّاج على رَأسه. فَقَالَ: هَذَا ضيق، فتطيروا من ذَلِك، وَجَاءُوا بتاج وَاسع وطمعوا أَن يَقُول: هَذَا وَاسع فَيكون ضد قَوْله الأول، فَقَالَ: أُرِيد أضيق من هَذَا، فنفوه. جَاءَ رجل إِلَى عَابِر فَقَالَ: رَأَيْت فِي النّوم كَأَنِّي رَاكب دَابَّة أَشهب لَهُ ذَنْب أَخْضَر قَالَ: إِن صدقت رُؤْيَاك استدلجت فُجلةً. قَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: خرجنَا حُجاجا، واكترينا من رجل فَجعل فِي طَرِيقه يرتجز إِذا حدا بِنَا وَلَا يزِيد على قَوْله: يَا لَيْت شعري، هَل بَغت عُليّه؟ ... فَلَمَّا انصرفنا من مَكَّة قَالَهَا فِي بعض الطَّرِيق، فَأَجَابَهُ صَوت فِي ظُلمة: نعم نعم، وناكها حُجّييه ... أَحْمَر، ضخم فِي قَفاهُ كيّه ... فأسكت الرجل، فَلَمَّا صرنا إِلَى الْبَصْرَة أخبرنَا، قَالَ: دخل عليّ جيراني يًسلّمون، فَإِذا فيهم رجل ضخم أَحْمَر، قلت لأهلي: من هَذَا؟ قَالُوا: هَذَا رجل كَانَ ألطف جيراننا بِنَا، وَأَحْسَنهمْ تعهداّ لنا، فجزاه الله خيرا، فَلَمَّا ولّى إِذا أثر كيّ فِي قَفاهُ، قلت للْمَرْأَة: مَا اسْمه؛ قَالَت: حُجيّة. قلت: الحقي بأهلك فقد أَتَانَا خبر حُجية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute