للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: إِن كَانَ مشويّاً مَوْضُوعا على الْمَائِدَة فَهُوَ معرفَة، وَإِن كَانَ فِي الصَّحرَاء فَهُوَ نكرَة. قَالَ أَبُو العبر: سَأَلت أَبَا الجحش فَقلت: أَيهَا الْحَكِيم، لم صَار الديك بالغدوات يرفع إِحْدَى رجلَيْهِ دون الْأُخْرَى؟ فَقَالَ: لِأَنَّهُ لَو رفعهما جَمِيعًا لسقط. قَالَ: وَقلت لَهُ: أَي شَيْء لَا يُمكن أَن تلحم بِهِ؟ فَقَالَ: الهاون. دخل أَبُو العبر إِلَى مَالك بن طوق، وَمَالك لَا يعرفهُ، فَقَالَ: أَبُو من؟ قَالَ: أَبُو كل بصل. قَالَ: وَمَا هَذَا من الكنى؟ قَالَ: وَمَا أنْكرت؟ كم بَين كل ثوم وَبَين كل بصل؟ فَغَضب مَالك - وَكَانَت كنيته أَبُو كُلْثُوم - وَقَالَ: أَظُنك شارباً. قَالَ: بل إِنِّي صَاحب الكيلجة. قَالَ: خُذُوا مِنْهُ كَفِيل حَتَّى نَنْظُر فِي أمره. فَقَالَ: أَنا - أصلحك الله - إِنْسَان فَقير، فَخذ مني كشاة. قَالَ مَالك: وَيْلكُمْ! من هَذَا؟ خذوه. قيل: هَذَا أَبُو العبر. فسكن وعانقه. قَالَ: أما قبل: فَإنَّا وجدنَا فِي حِكْمَة أهل الشَّام أَنه لَا يَأْكُل إِنْسَان الْفَاكِهَة إِلَّا شرى أَو صَدَقَة أَو هَدِيَّة أَو سَرقَة. وَمن كَانَ فِي الْبَيْت لم ير النَّاس وَلم يروه إِلَّا أَن يدخلُوا إِلَيْهِ، أَو يخرج إِلَيْهِم. وَمَا أقلّ مَا تَجِد فِي مائَة يَهُودِيّ وَاحِدًا مُسلما. ويروى عَن أبي الزنبور بِأَن أول من يدْخل الْجنَّة من الْبَهَائِم الطنبور. قَالَ: وَكَيف ذَاك يَرْحَمك الله؟ قَالَ: لِأَنَّهُ فِي دَار الدُّنْيَا يُعصر حلقه، ويُعرك أذنَاهُ، ويُضرب بَطْنه فَيُقَال لَهُ يَوْم الْقِيَامَة: خُذُوا بِرجلِهِ ألقوه فِي الْجنَّة فَإِنَّهُ متعوب. وحدّث لبادة عَن أبي سوَادَة قَالَ: أول من يدْخل النَّار من الْبَهَائِم البرادة، لِأَنَّهَا تشرف على حرم الْجِيرَان السَّادة فتُحشر مَعَ المنجنيق والعرادة. وَقيل لَهُ، لم صَارَت دجلة أكبر من الْفُرَات؟ قَالَ: لِأَن الْقَلَم يكون فِي الدواة. وَقيل لَهُ: لم صَار الْجمل إِذا ضُربت استه صَاح رَأسه؟ قَالَ: لِأَن الأرزّ إِذا طبخوه أكلوه بسُكر، وَإِذا خبزوه أكلوه بمالح. قيل لَهُ: فَلم صَار كل أعرج يجمع؟ وَالْحب لَا يُشترى حَتَّى يُصفع؟ قَالَ: لِأَن المرآه ترى وَجهك فِيهَا، والسمكة لَا تأكلها حَتَّى تشويها.

<<  <  ج: ص:  >  >>