ضعف الْيَقِين؟ قَالَ: أَن تخرج الْبَرَاهِين من الورا، وَهِي مخضوبة بالخرا. قلت: فعلامة الصابرين؟ قَالَ: قوم أخذُوا براهين العارفين بأيمانهم، وأودعوها فِي مَكْنُون حقائقهم، فجالت فِي الظُّلُمَات، بفنون الحركات. فَلَمَّا دنا تدفق مَاء الْمحبَّة، فِي عُيُون رياض الْمَوَدَّة، ظهر الكيد المستور، وَهُوَ أَحْمَر مسرور. قلت: فعلامة أهل الْحزن؟ قَالَ: إِذا رَأَيْتهمْ فِي أَوْقَات السحر، قد أُولجت الْبَرَاهِين فِي الهرر، وتحركت الْجَوَارِح بِقدر، ثمَّ ظهر مَا استتر، شممت من الْقَوْم رَائِحَة القذر. قَالَ أَبُو العنبس: سَمِعت رجلا طَوِيل اللِّحْيَة يَقُول لآخر: لَيْسَ شعري من كَانَ القَاضِي على عهد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَ لَهُ الآخر: كَانَ هُوَ، عَلَيْهِ السَّلَام، القَاضِي بَين الْمُسلمين، والناظر فِي أُمُورهم. فَقَالَ الألحى: اسْكُتْ يَا أَحمَق، كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أتقى خلق الله، وأعقل من أَن يدْخل فِي عمل السُّلْطَان. قَالَ أَبُو العنبس: كنت إِذا لقِيت حجاجاً الْكَاتِب أَقُول لَهُ: حيّا الله وَجها أَرَاك بِهِ. فَقيل لَهُ: إِن أَبَا العنبس يطنز بك يَقُول إِذا لقيك: حيّا الله وَجها أَرَاك بِهِ، وَإِنَّمَا يُرِيد وَجه نَفسه. فَقَالَ: أَنا لَهُ العاضّ حر أمّه. قَالَ: فَلَمَّا لَقِيَنِي بعد ذَلِك قلت لَهُ: - وَأَنا لَا أعلم أَنه قد فطن - حيّا الله وَجها أَرَاك بِهِ. فَقَالَ لي: وَلَكِن لَا حيّا الله وَجها أَرَاك بِهِ. فَقلت: وَلَا بيّاه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute