للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تغدّى يَوْمًا عِنْد عبد الله بن جَعْفَر، فِي عدّة من قُرَيْش، وَإِذا الْكَرِيم رثّ الثِّيَاب، فَقَالَ ابْن أبي عَتيق: أصلحك الله، مَا تُطعمنا إِلَّا فِي كَفَّارَة يَمِين. وَقع بَين حيّين من قُرَيْش مُنَازعَة، فَخرجت عَائِشَة على بغلة، فلقيها ابْن أبي عَتيق فَقَالَ: إِلَى أَيْن؟ جُعلت فدَاك. فَقَالَت: أُصلح بَين هذَيْن الْحَيَّيْنِ. قَالَ: وَالله مَا غسلنا رؤوسنا من يَوْم الْجمل، فَكيف إِذا قيل يَوْم الْبَغْل {؟ فَانْصَرَفت. وَلما بلغه قَول نُصيب: وُلدت وَلم أُخلق من الطير إِن بدا ... سنا بارق نَحْو الْحجاز أطير قَالَ: قل: غاق غاق وطر، أَي أَنَّك غراب، لِأَنَّهُ كَانَ أسود. وَلَقي ابْن أبي عَتيق عبد الله بن عمر فَقَالَ لَهُ: مَا تَقول فِي إِنْسَان هجاني، فَقَالَ لي: أذهبت مَالك غير مُترك ... فِي كل مومسة وَفِي الْخمر ذهب الْإِلَه بِمَا تعيش بِهِ ... وَبقيت وَحدك غير ذِي وفر؟ فَقَالَ: أرى أَن تَأْخُذ بِالْفَضْلِ وتصفح. فَقَالَ لَهُ ابْن أبي عَتيق: أَنا، وَالله أرى غير ذَلِك. قَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: أرى أَن أنيكه. فَقَالَ عبد الله: سُبْحَانَ الله} ! مَا تتْرك الْهزْل؟ وافترقا، ثمَّ لقِيه ابْن أبي عَتيق بَعْدَمَا ظن أَن ابْن عمر قد نسي ذَلِك، فَقَالَ لَهُ: أَتَدْرِي مَا فعلت بذلك الْإِنْسَان؟ قَالَ: أَي إِنْسَان؟ قَالَ الَّذِي أعلمتك أَنه هجاني. قَالَ: مَا فعلت بِهِ؟ قَالَ: كل مَمْلُوك لي فَهُوَ حر إِن لم أكن قد نكته، فأعظم ذَلِك ابْن عمر، واضطرب. فَقَالَ لَهُ ابْن أبي عَتيق: امْرَأَتي - وَالله - هِيَ الَّتِي قَالَت الشّعْر وهجتني. قَالَ: وَامْرَأَته أم إِسْحَاق بنت طَلْحَة بن عبيد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>