كَانَ ابْن أبي عَتيق يتعشّى، وَمَعَهُ رجل من الْأَنْصَار، فَوَقع حجر فِي الدَّار، وَوَقع آخر، وثالث. فَقَالَ لجاريته: اخْرُجِي فانظري أذنّوا للمغرب؟ فَخرجت وَجَاءَت بعد سَاعَة وَقَالَت: قد أذنّوا وصلّوا. فَقَالَ لَهُ الرجل الَّذِي كَانَ عِنْده: أَلَيْسَ قد صلينَا قبل أَن ندخل؟ قَالَ: بلَى، وَلَكِن لَو لم أرسلها تسْأَل عَن ذَلِك لرُجمنا إِلَى الْغَدَاة، أفهمت؟ قَالَ: نعم قد فهمت. وَلما سمع قَول عمر بن أبي ربيعَة: من رَسُولي إِلَى الثريا فَإِنِّي ... ضقت ذرعاً بهجرها وَالْكتاب ركب بغلته من الْمَدِينَة يُرِيد مَكَّة، فَلَمَّا بلغ قيل لَهُ: أحرم. قَالَ: إِن ذَا الْحَاجة لَا يحرم. وَجَاء حَتَّى دخل على الثريا، فَقَالَ: ابْن عمّك يَقُول: ضقت ذرعاً بهجرك وَالْكتاب ... ثمَّ ركب بغلته وَعَاد. وَقَالَ مَرْوَان بن الحكم يَوْمًا إِنِّي مشغوف ببغلة لِلْحسنِ بن عليّ - عَلَيْهِمَا السَّلَام - فَقَالَ لَهُ ابْن أبي عَتيق: إِن دفعتها إِلَيْك أتقضي لي ثَلَاثِينَ حَاجَة؟ ومروان يَوْمئِذٍ أَمِير بِالْمَدِينَةِ. قَالَ: نعم، قَالَ: إِذا اجْتمع النَّاس عنْدك العشية فَإِنِّي آخذ فِي مآثر قُرَيْش، وَأمْسك عَن ذكر الْحسن، فلُمني على ذَلِك، فَلَمَّا أَخذ الْقَوْم مجَالِسهمْ أَفَاضَ فِي أوليّة قُرَيْش. فَقَالَ لَهُ مَرْوَان: أَلا تذكر أوليّة أبي مُحَمَّد، وَله فِي هَذَا مَا لَيْسَ لأحد؟ قَالَ: إِنَّمَا كُنَّا فِي ذكر الْأَشْرَاف، وَلَو كُنَّا فِي ذكر الْأَنْبِيَاء لقدّمنا لأبي مُحَمَّد مَاله. فَلَمَّا خرج ليركب تبعه ابْن أبي عَتيق، فَقَالَ لَهُ الْحسن - عَلَيْهِ السَّلَام، وتبسّم - أَلَك حَاجَة؟ فَقَالَ ذكرت البغلة، فَنزل الْحسن وَدفعهَا إِلَيْهِ. وَلما ولي عُثْمَان بن حَيَّان المُرّيّ الْمَدِينَة اجْتمع إِلَيْهِ الْأَشْرَاف من قُرَيْش وَالْأَنْصَار، فَقَالُوا: إِنَّك لَا تعْمل عملا أجدى وَلَا أولى من تَحْرِيم الْغناء وَالزِّنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute