للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَاء إِلَيْهِ رجل: فَقَالَ: جئْتُك خاطباً موّدتك. قَالَ: فهلاّ سِفَاحًا فَهُوَ ألذ؟ وَجلسَ يَوْمًا مَعَ أبي بكر حزم فِي مجْلِس الْقَضَاء - وَأَبُو بكر يَوْمئِذٍ على الْمَدِينَة وعَلى قَضَائهَا - فخاصمت إِلَيْهِ امْرَأَة متنقبة، لَهَا عين حَسَنَة حوراء، فَأقبل أَبُو بكر على ابْن أبي عَتيق فَقَالَ: مَا تَقول فِي أَمر هَذِه الْمَرْأَة؟ فَقَالَ: لَهَا عين مظلومة، إِلَى أَن طَالَتْ الْخُصُومَة وأزلفتها، فَكشفت وَجههَا، فَإِذا أنف ضخم قَبِيح، فَقَالَ ابْن أبي عَتيق: لَهَا أنف ظالمة. وَجلسَ يَوْمًا يتغدّى، وَمَعَهُ أَوْلَاده، فَجعلُوا يتناولون اللَّحْم من بَين يَدَيْهِ. فَقَالَ: يَا بني، إِن الله أوصى بالوالدين، فَقَالَ: " فَلَا تقل لَهما أفّ " وَالله لِأَن تَقولُوا لي: أفّ ثَلَاثِينَ مرّة أيسر عليّ من أخذكم اللَّحْم من بَين يديّ. وَكَانَ يُخَاصم الْقَاسِم بن مُحَمَّد فِي صَدَقَة أبي بكر ليليها مَعَه، فوكّل الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن ابْنه بخصومته، وَكَانَت دَار يزِيد بن عبد الْملك تُبنى بِالْمَدِينَةِ بالّلعابين الدفوف، وَالزمر، والصنج. فتقدّم ابْن أبي عَتيق يَوْمًا من ذَاك إِلَى القَاضِي، وَهُوَ فِي رحبة الْقَضَاء، فَجعل عبد الرَّحْمَن يُخاصمه ويحتج عَلَيْهِ، وَابْن أبي عَتيق نَفسه وعينه فِي ذَلِك اللّعب، فعلاه عبد الرَّحْمَن يَوْمئِذٍ. فَقيل لِابْنِ أبي عَتيق: مَا كَانَت قصّتك؟ مَا قُمت الْيَوْم لَهُ، وَلَا قعدت، وَلَا احتججت عَلَيْهِ؟ فَقَالَ: " ألوى بحُجّتي الزامر ". وَكَانَ يَوْمًا مَعَ عُرْوَة بن الزبير، وهم يجمع، إِذْ ترنم ابْن أبي عَتيق بقول الشَّاعِر: ألم تَرَهَا لَا يبعد الله دارهاإذا مَا مشت فِي مشيها كَيفَ تصنع؟ فَقَالَ عُرْوَة: سُبْحَانَ الله {} أَفِي هَذَا الْموضع وعَلى هَذِه الْحَال؟ فَقَالَ: أما وَالله لَو سمعته من جَارِيَة حَسَنَة الْوَجْه والخلق مَا أدْركْت ذكائك!

<<  <  ج: ص:  >  >>