للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل لِابْنِ ماسويه: الباقلّي بقشره أصحّ فِي الْجوف؟ قَالَ: هَذَا من طب الجياع. يُقَال: إِن أردشير وَمن تقدّمه من مُلُوك الْفرس كَانُوا لَا يثبتون فِي ديوانهم الطَّبِيب إِلَّا بعد أَن يُلسعوه أَفْعَى، ثمَّ يُقَال لَهُ: إِن شفيت نَفسك فَأَنت طَبِيب حقّاً، وَإِن مت كَانَت التجربة عَلَيْك لَا علينا. وَكَانَ مُلُوك الرّوم إِذا اعتلّ طَبِيب أسقطوه من ديوانهم، وَقَالُوا لَهُ: أَنْت مثلنَا. وَكَانَ بعض مُلُوك الْعَرَب إِذا جَاءَهُ طَبِيب قدّم إِلَيْهِ مائدةً، وَأمره أَن يُركّب مِنْهَا غذَاء لتقوية أبدان الْمُجَاهدين، وعلاجاً للمرضى، وتدبيراً للناقهين، وتفكّهاً للمترفين، وسبباً ممرضاً، وسمّاً قَاتلا للأعداء، فَإِذا فعل ذَلِك أثْبته، وَإِلَّا صرفه. حُكيَ عَن بعض الْأَطِبَّاء أَنه قَالَ لإِنْسَان شكا إِلَيْهِ علّة، فَقَالَ: خُذ من البنفسج المربّى قدر رَوْثَة، وصبّ عَلَيْهِ مَاء حاراً قدر محجمة ثمَّ دوفه حَتَّى يصير كَأَنَّهُ مخاط، ثمَّ اشربه. فَقَالَ الْمَرِيض: أمّا دون أَن أُضرب بالسياط فَلَا. قَالَ ابْن ماسويه: قَالَ لي أَخ لِعبيد الله بن يحيى: أَخْبرنِي عَن الطبائع الْأَرْبَع، هِيَ من عقاقير الْجَبَل؟ فَضَحكت. فَقَالَ: مِم تضحك؟ قلت: أَخُو وَزِير لَا يعرف الطبائع؟ فَقَالَ لي: مَا أَنا طَبِيب. قَالَ رجل لطبيب: يَا سَيِّدي، إِن أُمِّي تَجِد فِي حلقها ضيقا ويبساً وحرارة. قَالَ الطَّبِيب: لَيْت الَّذِي فِي حلق أمك فِي حر امْرَأَتك، وَأَن على حلق أمك السكين. وَجَاء ماجن إِلَى طَبِيب فَقَالَ: أجد فِي أَطْرَاف شعري شبه المغص، وَفِي بَطْني ظلمَة، وَإِذا أكلت الطَّعَام تغيّر فِي جوفي. قَالَ الطَّبِيب: أما مَا تَجدهُ من المغص فِي أَطْرَاف شعرك فَاحْلِقْ رَأسك ولحيتك، فَإنَّك لَا تَجِد مِنْهُ شَيْئا، وَأما الظلمَة الَّتِي فِي بَطْنك فعلّق على بَاب استك قِنْدِيلًا حَتَّى لَا تجدها، وَأما تغيّر الطَّعَام فِي بَطْنك فَكل خرا واربح النَّفَقَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>