قَالَ الْمَدَائِنِي: جعل لرجل جعل على أَن يسْأَل عَمْرو بن الْعَاصِ وَهُوَ على الْمِنْبَر عَن أمه، فَلَمَّا قَامَ على الْمِنْبَر، قَالَ لَهُ: يَا عَمْرو، من أمك؟ قَالَ: سلمى بنت خُزَيْمَة، تلقب بالنابغة، من بني جلان من عنزة، أصابتها رماح الْعَرَب فَصَارَت للفاكه بن الْمُغيرَة، ثمَّ صَارَت إِلَى عبد الله بن جدعَان، ثمَّ صَارَت للعاص بن وَائِل فَولدت فأنجبت؛ اذْهَبْ فَخذ جعلك الَّذِي جعل لَك. وَقَالَ عمر رَضِي الله عَنهُ يَوْمًا لجلسائه - وَفِيهِمْ عَمْرو بن الْعَاصِ -: مَا أحسن كل شَيْء؟ فَقَالَ كل رجل بِرَأْيهِ وَعَمْرو سَاكِت، فَقَالَ عمر: مَا تَقول؟ قَالَ: الغمرات ثمَّ ينجلين. وَكَانَ يَقُول: عَلَيْكُم بِكُل أَمر مزلقة مهلكة. أَي عَلَيْكُم بجسام الْأُمُور. وَنظر إِلَيْهِ على بغلة؟ قد شمط وَجههَا هرماً، فَقيل لَهُ: أتركب هَذِه وَأَنت على أكْرم ناخرة بِمصْر؟ فَقَالَ: لَا ملل عِنْدِي لدابتي مَا حملت رحلي، وَلَا لامرأتي مَا أَحْسَنت عشرتي، وَلَا لصديقي مَا حفظ سري، إِن الْملَل من كواذب الْأَخْلَاق. وَقَالَ لعَائِشَة: لَوَدِدْت أَنَّك قتلت يَوْم الْجمل. فَقَالَت: وَلم؟ لَا أبالك! قَالَ: كنت تموتين بأجلك، وتدخلين الْجنَّة، ونجعلك أكبر تشنيع على عليّ. وَرُوِيَ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: دخلت على عَمْرو بن الْعَاصِ وَقد احْتضرَ. فَقلت: يَا أَبَا عبد الله إِنَّك كنت تَقول: أشتهي أَن أرى عَاقِلا يَمُوت حَتَّى أسأله كَيفَ يجد، فَكيف تجدك؟ فَقَالَ: أجد السَّمَاء كَأَنَّهَا مطبقة على الأَرْض وَأَنا بَينهمَا، وَأرَانِي كَأَنِّي أتنفس من خرت إبرة. ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ خُذ مني حَتَّى ترْضى، ثمَّ رفع يَده فَقَالَ: اللَّهُمَّ أمرت فعصينا، ونهيت فَرَكبْنَا، فَلَا برِئ فأعتذر، وَلَا قوي فأنتصر، وَلَكِن لَا إِلَه إِلَّا الله. - ثَلَاثًا - ثمَّ فاظ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute