للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَضِي الله عَنهُ: مَا زلت مُنْذُ الْيَوْم فِيمَا لَا ينفع أهلك. قَالَ: فَإِنِّي قلت بِمَا أعلم. وَقَالَ يَوْم صفّين: يَا أهل الشَّام، أقِيمُوا صفوفكم مثل قصّ الشَّارِب، وأعيرونا جماجمكم سَاعَة من نَهَار، فقد بلغ الْحق مقطعه، وَإِنَّمَا هُوَ ظَالِم أَو مظلوم. وَقَالَ لَهُ سَلامَة بن روح الجذامي: إِنَّه كَانَ بَيْنكُم وَبَين الْعَرَب بَاب فكسرتموه، فَمَا حملكم على ذَلِك؟ قَالَ: أردنَا أَن نخرج الْحق من حفير الْبَاطِل. وَلما أخرج عمر إِلَيْهِ - وَهُوَ بِمصْر والياً لَهَا من جِهَته - مُحَمَّد بن مسلمة الْأنْصَارِيّ، فشاطره مَاله. قَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ: لعن الله زَمَانا كنت فِيهِ والياً لعمر، وَالله لقد رَأَيْته فِي الْجَاهِلِيَّة وأباه، وعَلى رَأس كل وَاحِد مِنْهُمَا حزمة من حطب، وعَلى كل وَاحِد مِنْهُمَا عباءة قطوانية مَا تواري مآبض رُكْبَتَيْهِ، وَمَا كَانَ الْعَاصِ بن وَائِل يلبس فِي الْجَاهِلِيَّة إِلَّا الديباج مزرراً بِالذَّهَب. فَقَالَ مُحَمَّد بن مسلمة: عمر - وَالله - خير مِنْك، فَأَما أَبوك وَأَبوهُ فَفِي النَّار، وأيم الله لَوْلَا الَّذِي سنيت لألفيت معتقلاً شَاة يَسُرك غزرها، ويسوؤك جمادها. قَالَ: صدقت، وَلَكِنِّي غضِبت فَقلت مَا قلت، وَهِي أَمَانَة عنْدك لن تذكرها لعمر. وَقَالَ عَمْرو لمعاوية: لَا يكن شَيْء آثر عنْدك فِي أَمر رعيتك، وَتَكون لَهُ اشد تفقداً مِنْك كخصاصة الْكَرِيم، أَن تعْمل فِي سدها، وكطغيان اللَّئِيم أَن تقمعه، واستوحش من الْكَرِيم الجائع، وَمن اللَّئِيم الشبعان. فَإِن الْكَرِيم يصول إِذا جَاع، واللئيم يصول إِذا شبع. وَقَالَ: جمع الْعَجز إِلَى التواني، فنتج بَينهمَا الندامة، وَجمع الحزم إِلَى الكسل، فَخرج بَينهمَا الحرمان. وَقَالَ: من طلب لسره موضعا فقد أشاد بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>