وَدخل على عبد الْملك وَهُوَ صبي، فَقَالَ لَهُ: كَيفَ نَفَقَتك فِي عِيَالك؟ فَقَالَ عمر: حَسَنَة بَين سيئتنين. فَقَالَ لمن حوله: أَخذه من قَول الله تَعَالَى: " وَالَّذين إِذا أَنْفقُوا لم يُسْرِفُوا وَلم يقترُوا وَكَانَ بَين ذَلِك قواماً ". وَكتب عمر إِلَى عدي بن أَرْطَأَة فِي شَيْء بلغه عَنهُ: إِنَّمَا يعجل بالعقوبة من يخَاف الْفَوْت. وَقَالَ: لَو كنت فِي قتلة الْحُسَيْن وَأمرت بِدُخُول الْجنَّة مَا فعلت؛ حَيَاء أَن تقع عليّ عين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. وَشَتمه رجل فَقَالَ: لَوْلَا يَوْم الْقِيَامَة لأجبتك. وأهدي إِلَيْهِ تفاح لبناني، وَكَانَ قد اشتهاه، فَرده. فَقيل لَهُ: قد بلغك أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يَأْكُل الْهَدِيَّة، فَقَالَ: يَا عَمْرو بن المُهَاجر: إِن الْهَدِيَّة كَانَت لرَسُول الله هَدِيَّة، وَلنَا رشوة. وَقَالَ لجارية فِي صباه بِحَضْرَة مؤدبه: أعضّك الله بِكَذَا؟ . فَقَالَ لَهُ الْمُؤَدب: قل أعضّك عبد الْعَزِيز. فَقَالَ: إِن الْأَمِير أجلّ من ذَلِك. قَالَ: فَلْيَكُن الله أجلّ فِي صدرك. فَمَا عاود بعْدهَا كلمة حَيَاء. وَقَالَ: مَا أَطَاعَنِي النَّاس فِيمَا أردْت من الْحق حَتَّى بسطت لَهُم طرفا من الدُّنْيَا. وَدخل عَلَيْهِ مَيْمُون بن مهْرَان فَقَالَ لَهُ - وَقد قعد فِي أخريات النَّاس -: عظني. فَقَالَ مَيْمُون: إِنَّك لمن خير أهلك إِن وقيت ثَلَاثَة. قَالَ: مَا هنّ؟ قَالَ: إِن وقيت السُّلْطَان وَقدرته، والشباب وغرته، وَالْمَال وفتنته. قَالَ: أَنْت أولى بمكاني مني. ارْتَفع إليّ، فأجلسه مَعَه على سَرِيره. قَالَ بَعضهم: كُنَّا نعطي الغسال الدَّرَاهِم الْكَثِيرَة، حَتَّى يغسل ثيابنا فِي إِثْر ثِيَاب عمر بن عبد الْعَزِيز، وَهُوَ أَمِير؛ من كَثْرَة الطّيب والمسك فِيهَا. وَلما نزل بعمر الْمَوْت قَالَ: يَا رَجَاء، هَذَا وَالله السُّلْطَان، لَا مَا كُنَّا فِيهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute