للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خرج يَوْم الْجُمُعَة إِلَى الصَّلَاة وَقد أَبْطَأَ، فَقَالَ: أَيهَا النَّاس؛ إِنَّمَا بطأني عَنْكُم أَن قَمِيصِي هَذَا كَانَ يرقع - أَو كَانَ يغسل - وَلَا وَالله مَا أملك غَيره. وَعرضت عَلَيْهِ جَارِيَة وَأَرَادَ شراءها وَلم يحضر تَمام الثّمن، فَقَالَ لَهُ الرجل: أَنا أؤخرك إِلَى الْعَطاء؛ فَقَالَ: لَا أُرِيد لَذَّة عاجلة بذلة آجلة. وَقَالَ عمر يَوْمًا وَقد قَامَ من عِنْده عَليّ بن الْحُسَيْن رَضِي الله عَنْهُمَا: من أشرف النَّاس بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالُوا: أَنْتُم. فَقَالَ: كلا! أشرف النَّاس هَذَا الْقَائِم من عِنْدِي آنِفا، من أحب النَّاس أَن يَكُونُوا مِنْهُ، وَلم يحب أَن يكون من أحد. وَقَالَ: لَو جَاءَت كل أمة بخبيثها وَجِئْنَا بالحجاج لزدنا عَلَيْهِم. قيل: أول من اتخذ المنابر فِي الْمَسَاجِد للأذان عمر بن عبد الْعَزِيز، وَإِن أول من دعِي لَهُ على المنابر عبد الْملك. وَكَانَ عمر يَقُول: إِن أَقْوَامًا لزموا سلطانهم بِغَيْر مَا يحِق الله عَلَيْهِم، فَأَكَلُوا بخلاقهم، وعاشوا بألسنتهم، وخلفوا الْأمة بالمكر والخديعة والخيانة، وكل ذَلِك فِي النَّار. أَلا فَلَا يصحبنا من أُولَئِكَ أحد وَلَا سِيمَا خَالِد بن عبد الله. وَعبد الله بن الْأَهْتَم فَإِنَّهُمَا رجلَانِ لسنان، وَإِن بعض الْبَيَان يشبه السحر، فَمن صَحِبنَا بِخمْس خِصَال، فأبلغنا حَاجَة من لَا يَسْتَطِيع إبلاغها، ودلنا على مَا لَا نهتدي إِلَيْهِ من الْعدْل، وأعاننا على الْخَيْر، وَسكت عَمَّا لَا يعنيه، وَأدّى الْأَمَانَة الَّتِي حملهَا منا وَمن عَامَّة الْمُسلمين فحيّهلا، وَمن كَانَ على غير ذَلِك فَفِي غير حلّ من صحبتنا وَالدُّخُول علينا. وَأتي بِقوم أخذُوا على شراب وَفِيهِمْ شيخ، فَظَنهُ شَاهدا، فَقَالَ لَهُ: بِمَ تشهد؟ فَقَالَ: لست شَاهدا وَلَكِنِّي مبتلى، فرق لَهُ عمر، وَقَالَ: يَا شيخ؛ لَو كُنْتُم حِين اجْتَمَعْتُمْ على شرابكم قُلْتُمْ: اللَّهُمَّ تولنا وَلَا تولنا غَيْرك لم يعلم بكم أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>