للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلم رجلا من بني أُميَّة قد وَلدته نسَاء مرّة، فعاب عَلَيْهِ جفَاء رَآهُ مِنْهُ، فَقَالَ: قبح الله شبها غلب عَلَيْك من بني مرّة، فَبلغ ذَلِك عقيل بن علّفة المرّي وَهُوَ بجنفاء من الْمَدِينَة على أَمْيَال فِي ولد بني مرّة، فَركب حَتَّى قدم على عمر وَهُوَ بدير سمْعَان، فَقَالَ: هيها يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، بَلغنِي أَنَّك غضِبت على فَتى من بني أَبِيك، فَقلت: قبح الله شبها غلب عَلَيْك من بني مره، وَإِنِّي أَقُول: قبح الله ألأم طَرفَيْهِ، فَقَالَ عمر: وَيحك! دع هَذَا وهات حَاجَتك. فَقَالَ: لَا وَالله مَا لي حَاجَة غير هَذَا، ثمَّ ولى رَاجعا من حَيْثُ جَاءَ. فَقَالَ عمر: يَا سُبْحَانَ الله، من رأى مثل هَذَا الشَّيْخ؟ جَاءَ من جنفاء، لَيْسَ إِلَّا ليشتمنا؟ فَقَالَ لَهُ رجل من بني مرّة: إِنَّه وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا شتمك، وَمَا شتم إِلَّا نَفسه. نَحن وَالله ألأم طَرفَيْهِ. وَلما اسْتخْلف عمر بعث بِأَهْل بَيت الْحجَّاج إِلَى الْحَارِث بن عَمْرو الطَّائِي، وَكَانَ على البلقاء، وَكتب إِلَيْهِ: أما بعد، فَإِنِّي بعثت إِلَيْك بآل أبي عقيل، وَبئسَ وَالله أهل الْبَيْت فِي دين الله وأخلاق الْمُسلمين، فأنزلهم بِقدر هوانهم على الله وعَلى أَمِير الْمُؤمنِينَ. وَلما هرب يزِيد بن الْمُهلب من سجنه، وَكتب إِلَيْهِ: لَو علمت أَنَّك تبقى مَا فعلت، وَلَكِنَّك مَسْمُوم، وَلم أكن لأضع يَدي فِي يَدي ابْن عَاتِكَة فَقَالَ عمر: اللَّهُمَّ قد هاضني فهضه. وَقَالَ: كفى بِالْمَرْءِ غيا أَن تكون فِيهِ خلة من ثَلَاث: أَن يعيب شَيْئا ثمَّ يَأْتِي مثله، أَو يَبْدُو لَهُ من الْحَيَّة مَا يخفى عَلَيْهِ من نَفسه، أَو يُؤْذِي جليسه فِيمَا لَا يعنيه. وَقيل لَهُ: أَي الْجِهَاد أفضل؟ فَقَالَ: جهادك هَوَاك. وَقَالَ: ثَلَاث من كن فِيهِ كمل: من لم يُخرجهُ غَضَبه عَن طَاعَة الله، وَلم يستنزله رِضَاهُ إِلَى مَعْصِيّة الله، وَإِذا قدر عَفا وكف. حكى عَن عدي بن الفضيل قَالَ: خرجت إِلَى عمر أستحفره بِئْرا بالعذبة، فَقَالَ لَهُ: وَأَيْنَ العذبة؟ فَقلت: على لَيْلَتَيْنِ من الْبَصْرَة، فتأسف أَلا يكون بِمثل

<<  <  ج: ص:  >  >>