للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّك صديق. قَالَ: لَا أَدعِي. قَالُوا: فَمن أَنْت؟ قَالَ: من التَّابِعين بِإِحْسَان. فدعي لَهُ بالدّرة. قَالَ: وَلم؟ قَالُوا: نؤدبك لادعائك مَا لَيْسَ فِيك. قَالَ: وَيحكم. السَّاعَة كنت نَبيا، أتريدون أَن تحطوني فِي سَاعَة وَاحِدَة من النُّبُوَّة إِلَى مرتبَة العوامّ؟ أمهلوني إِلَى غَد حَتَّى أصير لكم إِلَى مَا شِئْتُم. وَأتي المتَوَكل بِوَاحِد قد تنبأ، فَقَالَ لَهُ: مَا حجتك؟ قَالَ: مَا أعطوني حجَّة وَقلت لجبريل: إِن الْقَوْم ثقال الْأَرْوَاح غِلَاظ الطباع لابد لي مَعَهم من آيَة. قَالَ لي: اذْهَبْ، فَإِن أهل بَغْدَاد قد اخْتلفُوا فِي القَاضِي، وَأَنه بغّاء أَو لوطيّ، فَاذْهَبْ فعرفهم ذَلِك فَإِنَّهُم إِذا عرفتهم آمنُوا بك. قَالَ المتَوَكل: فَمَا الَّذِي قَالَ لَك جِبْرِيل من أَمر القَاضِي. قَالَ: قَالَ هُوَ بغّاء. فَضَحِك وَأمر لَهُ بجائزة. وتنبأ آخر فِي زمن الْمهْدي، فَقَالَ لَهُ: إِلَى من بعثت؟ فَقَالَ: وتركتموني أذهب إِلَى من بعثت إِلَيْهِ؟ بعثت بِالْغَدَاةِ ووضعتموني فِي السجْن بالْعَشي، فَضَحِك الْمهْدي حَتَّى ضرب برجليه. وَقَالَ: صدقت يَا هَذَا. عاجلناك، فَإِن نَحن خليناك تذْهب إِلَيْهِم؟ قَالَ: لَا وَالله، قد بدا لي، أَخَاف أَن يصنعوا بِي كَمَا صَنَعْتُم. قَالَ: فَمَا تَقول لجبريل؟ قَالَ: أَقُول لَهُ: ابْعَثُوا من شِئْتُم فَإِنِّي أحتاج أَن أقتل الحبال. فَضَحِك الْمهْدي، واستتابه وخلاه. وتنبأ آخر فِي زمن الْمهْدي فَأمر بإحضاره، فَلَمَّا مثل بَين يَدَيْهِ قَالَ لَهُ: أَنْت نَبِي؟ قَالَ: نعم. قَالَ: وَمَتى بعثت؟ قَالَ: وَمَا تصنع بالتاريخ؟ قَالَ: فَفِي أَي مَوضِع جاءتك النُّبُوَّة؟ قَالَ: وقعنا. وَالله لَيْسَ هَذَا من مناظرات الْأَنْبِيَاء، إِن كَانَ عزمك أَن تصدقني فَكل مَا قلت لَك اعْمَلْ بِهِ، وَإِن عزمت أَن تكذبني فَدَعْنِي رَأْسا بِرَأْس. قَالَ الْمهْدي: هَذَا لَا يجوز فَإِن فِيهِ فَسَاد الدّين. فَغَضب وَقَالَ: واعجباه! تغْضب أَنْت لفساد دينك وَلَا أغضب أَنا لفساد ديني؟ فوَاللَّه مَا قويت إِلَّا بمعن بن زَائِدَة وَالْحسن بن قَحْطَبَةَ وَمن أشبههما، فَضَحِك الْمهْدي وَقَالَ لِشَرِيك القَاضِي: مَا تَقول فِيهِ؟ قَالَ المتنبئ: تشَاور ذَاك فِي أَمْرِي وَلَا تشاورني؟ قَالَ: هَات مَا عنْدك. قَالَ: أكافر أَنا عنْدك أم مُؤمن؟ : قَالَ: كَافِر. قَالَ: فَإِن الله يَقُول: " وَلَا تُطِع الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ ودع أذاهم وتوكل على الله ".

<<  <  ج: ص:  >  >>