فَلَا تُطِعْنِي وَلَا تؤذني، وَدعنِي أذهب إِلَى الضُّعَفَاء وَالْمَسَاكِين، فَإِنَّهُم أَتبَاع الْأَنْبِيَاء، وأترك الْمُلُوك والجبابرة فَإِنَّهُم حصب جَهَنَّم، فَضَحِك وخلاه. وتنبأ آخر فِي أَيَّام المتَوَكل فَأحْضرهُ وَقَالَ لَهُ: مَا صناعتك؟ قَالَ: أَنا روّاس. قَالَ المتَوَكل: صناعَة قذرة، فَقَامَ المتنبئ ينفض ثِيَابه ليمضي، فَقَالَ: إِلَى أَيْن؟ قَالَ: أذهب أَقُول لَهُم إِن الْقَوْم متقززون، يُرِيدُونَ نَبيا عطاراً. وتنبأ آخر فِي أَيَّام الْمَأْمُون فأحضر وَقَالَ لَهُ: مَا آيتك؟ وَمَا الدَّلِيل على نبوتك؟ قَالَ: الْقُرْآن؛ يَقُول الله عز وَجل: " إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح ". واسمي الْفَتْح. فَقَالَ الْمَأْمُون: فَهَذَا لَك خَاصَّة أَو لكل من اسْمه الْفَتْح؟ قَالَ: وَحين قَالَ الله فِي كِتَابه الْعَزِيز: " مُحَمَّد رَسُول الله " كَانَ لمُحَمد خَاصَّة أَو لكل من اسْمه مُحَمَّد؟ فَضَحِك واستتابه وخلاه. وتنبأ آخر فَقيل لَهُ: مَا معجزتك؟ قَالَ: وَمَا معْجزَة نَبِيكُم؟ قَالُوا: حلب الْحَائِل. قَالَ: فَأَنا أحلب العاقر. تنبأ آخر، وسمى نَفسه نوحًا، وَنَهَاهُ صديق لَهُ عَن ذَلِك، فَلم ينْتَه، فَأَخذه السُّلْطَان وصلبه، فَمر بِهِ صديقه الَّذِي كَانَ ينهاه، فَقَالَ لَهُ: يَا نوح؛ مَا حصلت من السَّفِينَة إِلَّا على الدقل. جَاءَ رجل إِلَى المتَوَكل، وَادّعى النُّبُوَّة، فَقَالَ لَهُ بعض من حضر: صف لنا جبيل، فوصفه وَلم يذكر جنَاحه، فَقَالَ لَهُ: وَيحك، لم تعلمنا خبر جنَاحه، ولسنا نشك فِي أَن لَهُ جنَاحا. فَقَالَ: أَظُنهُ أَتَانِي وَهُوَ فِي القرفصة. أُتِي الْمَأْمُون بآخر قد تنبأ، فَقَالَ لَهُ: مَا تَقول؟ قَالَ: قَالَ رَبِّي لَا تكلم الْمَأْمُون بِشَيْء، واذهب إِلَى الْهِنْد. فَضَحِك وخلاه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute