للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: هَل لَك فِي مناظرتي فِيمَا زعمتَ أَنَّك خصمت فِيهِ أَصْحَابِي؟ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: مَا تصنع بمناظرتي؟ فأشغب بك وتشغب بِي، فَيبقى فِي قَلْبك مَا لَا ينفعك، وَيبقى فِي قلبِي مَا يَضرك. وخطب عِنْد مقدمه الْمَدِينَة فَقَالَ: أما بعد، فَإنَّا قدمنَا على صديقٍ مشتبشرٍ، وعدو مستبسر، وناس بَين ذَلِك ينظرُونَ وينتظرون، فَإِن أعْطوا مِنْهَا رَضوا، وَإِن لم يُعْطَوا مِنْهَا سخطوا. ولستُ أسع النَّاس كلهم، فَإِن تكن محمدة فلابد من لائمة، فَلْيَكُن لوماً هونا إِذا ذُكِرَ غفِرَ، وَإِيَّاكُم والغطمى، الَّتِي إِن ظَهرت أوبقت، وَلَإِنْ خَفِيَتْ أوتَغَتْ. وَقدم مُعَاوِيَة من ولَايَة كَانَ عمرُ ولاَّهُ إيَّاها فَبَدَأَ بعمر - رَضِي الله عَنهُ - فَلَمَّا دخل عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: مَتى قدِمتَ؟ قَالَ: الْآن، وبدأت بك. قَالَ: اذْهَبْ فابدأ بأبويك فَإِن حَقنا لم يدْخل على حَقّهمَا، وابدأ بأمك. قَالَ: فخرجتُ من عِنْده وَدخلت على أُمِّي هِنْد، فَقَالَت: يَا بنى، إِنَّه مَا ولدت حرَّة مثلك، وَإنَّك قد أُنْهِضْتَ فانهض، وَلَإِنْ الَّذِي استعملك قادرٌ أَن يعزلك، فاعمل بِمَا وَافقه وَافَقَك ذَلِك أَو خالفك. قَالَ: فخرجتُ من عِنْدهَا فَدخلت على أبي، فَقَالَ: يَا بنىَّ، إِن هَؤُلَاءِ الرَّهْط من الْمُهَاجِرين سبقُونَا فأساءوا سبقنَا، فَرفعُوا وضيعهم، وَوَضَعُوا رفيعنا، وصرنا أذناباَ وصاروا رؤوساً، وَقد رَأَيْتهمْ ولوك جسيماً من غير حاجةٍ بهم إِلَيْك وَلكنه جد وَقع، فاعمل بِمَا وافقهم، إِمَّا لِرَبِّك وَإِمَّا لَهُم. قَالَ مُعَاوِيَة لِابْنِ الْأَشْعَث بن قيس: مَا كَانَ جدك قيس بن معديكرب أعْطى الْأَعْشَى؟ فَقَالَ: أعطَاهُ مَالا وظهراَ ورقيقاً وَأَشْيَاء أُنسيتُها. فَقَالَ مُعَاوِيَة: لَكِن مَا أَعْطَاكُم الْأَعْشَى لَا يُنسى. ذُكِرَ عَليّ - رَضِي الله عَنهُ - فِي مجْلِس مُعَاوِيَة، وَعِنْده أَهله، فَقَالَ عَنْبَسَة بن أبي سُفْيَان: وَالله إِنِّي لأعجب من عَليّ وَطَلَبه للخلافة. فَقَالَ مُعَاوِيَة -

<<  <  ج: ص:  >  >>