للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولسنا نسع النَّاس كلهم، فَإِن تكن محمدةٌ فلابد من لائمة، ليكن لوماً هونا، إِذا ذكر غفر، وَإِيَّاكُم والعظمى الَّتِي إِن ظَهرت أوبقت، وَإِن خفيت أوتغت. وبلغه أَن ابْنَته امْتنعت عَن ابْن عامرٍ فِي الافتضاض، فَمشى إِلَيْهَا يتوذف فِي مشيته، وَفِي يَده مخصرة، فَجَلَسَ، وَجعل ينكت فِي الأَرْض وَيَقُول: وتوان. وَقيل لَهُ: أَنْت أنكر أم زِيَاد؟ قَالَ: إِن زياداً لَا يدع الْأَمر يتفرق عَلَيْهِ وَإنَّهُ يتفرق عليَّ فأجمعه. وَقَالَ عَمْرو بن الْعَاصِ لَهُ: مَا أَشد حبك لِلْمَالِ قَالَ: وَلم لَا أحبه وَأَنا أستعبد بِهِ مثلك، وأبتاع بِهِ مروءتك وَدينك؟ . قَالَ: السفلة من لَيْسَ لَهُ نسبٌ مَعْرُوف، وَلَا فِعلٌ مَوْصُوف. وَقَالَ: ثَلَاثَة مَا اجْتَمعْنَ فِي حر: مُباهتة الرِّجَال، والغيبة للنَّاس، والملال لأهل الْمُرُوءَة. وَقَالَ لرجل: من سيد قَوْمك؟ قَالَ: لجأهم الدهرإليَّ. قَالَ: هَكَذَا تكون المخاتلة عَن الشّرف. وَقَالَ صعصعة: يَا امير الْمُؤمنِينَ، مالنا نحب أَوْلَادنَا اشد من حبهم لنا؟ قَالَ: لأَنهم منا ولسنا مِنْهُم، ولدناهم وَلم يلدونا. قدم رجل من مصر عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ ليحدثه لإذ حبق، فانتفض وَترك الْكَلَام، فَقَالَ مُعَاوِيَة: خُذ فِيمَا كنتَ فِيهِ، فَمَا سَمعتهَا من أحد أَكثر مِمَّا سَمعتهَا من نَفسِي. وَدخل عَلَيْهِ رجل مُرْتَفع الْعَطاء فَرَأى فِي عَيْنَيْهِ رمصاً، فحطَّ عطاءه وَقَالَ: يعجز أحدكُم إِذا أصبح أَن يتعهد أَدِيم وَجهه. وَقَالَ لقريش فِي خِلَافَته: إِنِّي أقع إِذا طرتم، وأطيرُ إِذا وَقَعْتُمْ، وَلَو وَافق طيراني طيرانكم لاختلفنا. وَقَالَ: الْعِيَال أرضة المَال. وَقيل لَهُ مَا أبلغ من عقلك؟ قَالَ: لم أَثِق بِأحد. وَنظر إِلَى يزِيد وَهُوَ يضْرب غُلَاما لَهُ، فَقَالَ لَهُ: لَا تفْسد أدبك بتأديبه، وَلَكِن وكل بِهِ من يؤدبه. روى عَن بَعضهم أَنه قَالَ: قدم مُعَاوِيَة الْمَدِينَة، فدنوت من الْمِنْبَر لأحفظ عَنهُ، فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: أما بعد، فَإنَّا قدمنَا على صديقٍ مُسْتَبْشِرٍ، وعَلى عَدو مستبسر، وناس بَين ذَلِك ينظرُونَ وينتظرون، فَإِن أعْطوا مِنْهَا رَضوا، وَإِن لم يُعْطوا مِنْهَا سخطوا. ولسنا نسع النَّاس كلهم، فَإِن تكن محمدةٌ فلابد من لائمة، ليكن لوماً هونا، إِذا ذكر غفر، وَإِيَّاكُم والعظمى الَّتِي إِن ظَهرت أوبقت، وَإِن خفيت أوتغت. وبلغه أَن ابْنَته امْتنعت عَن ابْن عامرٍ فِي الافتضاض، فَمشى إِلَيْهَا يتوذف فِي مشيته، وَفِي يَده مخصرة، فَجَلَسَ، وَجعل ينكت فِي الأَرْض وَيَقُول: من الخفرات الْبيض، أما حرامها ... فصعبٌ، واما حلهَا فذلول وَخرج وَدخل ابْن عامرٍ فَلم تمْتَنع عَلَيْهِ. قَالَ خَالِد بن الْوَلِيد لمعاوية: إِن فِيك لخصلتين مَا أراهما تجتمعان فِي رجل: إِنَّك تقدم حَتَّى أَقُول: يُرِيد أَن يقتل، وتتأخر حَتَّى أَقُول يُرِيد أَن يهرب. فَقَالَ: إِنِّي وَالله أتقدم لأقتل، وَلَا أتأخر لأهرب، وَلَكِنِّي أتقدم إِذا كَانَ التَّقَدُّم غنما وأتأخر إِذا كَانَ التَّأَخُّر حزماً، كَمَا قَالَ أَخُو كنَانَة: شجاعٌ إِذا مَا أمكنتني فرْصَة ... وَإِن لم تكن لي فرْصَة فجبان وسُئل: مَا النبل؟ . فَقَالَ: الْحلم عِنْد الْغَضَب، وَالْعَفو عِنْد الْمقدرَة. وَقَالَ: الدُّنْيَا بحذافيرها الْخَفْض والدعة. وَقَالَ لَهُ رجلٌ: وَالله لقد بَايَعْتُك وَأَنا كَارِه. فَقَالَ: لقد جعل الله فِي الكره خيرا كثيرا. وَكتب إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ لما دَعَاهُ إِلَى الْبيعَة: من مُعَاوِيَة بن صخرٍ إِلَى عَليّ بن أبي طَالب: أما بعد، فلعمري لَو بَايَعَك الْقَوْم الَّذين بايعوك، وانت برئٌ من دم عُثْمَان، كنتُ كَأبي بكرٍ وَعمر وَعُثْمَان، وَلَكِنَّك أغريت بعثمان الْمُهَاجِرين، وخذلت عَنهُ الْأَنْصَار، فأطاعك الْجَاهِل، وَقَوي بك الضَّعِيف. وَقد أَبى اهل الشَّام إِلَّا قتالك، حَتَّى تدفع إِلَيْهِم قتلة عُثْمَان، فَإِن فعلت كَانَت شُورَى بَين الْمُسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>