للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعمري مَا حجتك علىَّ كحجتك على طَلْحَة وَالزُّبَيْر، لِأَنَّهُمَا بايعاك وَلم أُبَايِعك، وَمَا حجتك على أهل الشَّام كحجتك على أهل الْبَصْرَة، لِأَن أهل الْبَصْرَة أطاعوك وَلم يطعك أهل الشَّام. واما شرفك فِي الْإِسْلَام، وقرابتك من النَّبِي صلي الله عَلَيْهِ وَسلم وموضعك من قُرَيْش فلست أدفعه. ثمَّ كتب فِي آخر الْكتاب بشعرٍ لكعب بن جعيل أَوله: أرى الشَّام تكره ملك الْعرَاق ... وَملك الْعرَاق لَهُم كارهونا. فَأَجَابَهُ أَمِير الْمُؤمنِينَ رَضِي الله عَنهُ: أما بعدُ، فَإِنَّهُ أَتَانِي مِنْك كتابٌ إمرئ لَيْسَ لَهُ بصرٌ يهديه، وَلَا قَائِد يرشده، دَعَاهُ الْهوى فَأَجَابَهُ، وقاده فاتَّبعه. زعمت انه إِنَّمَا أفسَد عَلَيْك بيعتي خطيئتي فِي عُثْمَان. ولعمري مَا كنتُ إِلَّا رجلا من الْمُهَاجِرين، واوردتُ كَمَا أوردوا، وأصدرتُ كَمَا اصدروا، وَمَا كَانَ الله ليجمعهم على ضلال، وَلَا ليضربهم بالعمى. وَبعد، فَمَا أَنْت وَعُثْمَان؟ إِنَّمَا أَنْت رجل من بني أُميَّة. وبنوا عُثْمَان أولى بمطالبة دَمه، فَإِن زعمت أَنَّك أقوى على ذَلِك فَادْخُلْ فِيمَا دخل فِيهِ الْمُسلمُونَ ثمَّ حَاكم الْقَوْم إلىَّ. وَأما تمييزك بَيْنك وَبَين طَلْحَة وَالزُّبَيْر، وَبَين أهل الشامِ وَأهل الْبَصْرَة، فلعمري مَا الْأَمر فِيمَا هُنَالك إلاَّ سَوَاء، لِأَنَّهَا بيعَة شَامِلَة، لَا يُستَثنى فِيهَا الْخِيَار، وَلَا يُستأنفُ فِيهَا النّظر، وَأما شرفي فِي الْإِسْلَام، وَقَرَابَتِي من النبيِّ - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -، وَمَوْضِعِي من قُرَيْش، فلعمري: لَو استطعتَ دَفعه لدفعته. ثمَّ دَعَا النَّجَاشِيّ فَقَالَ لَهُ: إِن ابْن جعيل شَاعِر أهل الشَّام، وَأَنت شَاعِر أهل الْعرَاق، فأجِبِ الرجل. فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أسمعني قَوْله. قَالَ إذأً

<<  <  ج: ص:  >  >>