للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذُكِرَ أَن مُعَاوِيَة قَالَ لعَمْرو بن الْعَاصِ: امضِ بِنَا إِلَى هَذَا الَّذِي تشاغل باللهو، وسعى فِي هدم مروءته، حَتَّى ننعى عَلَيْهِ فعله - يُرِيد: عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب، فَدخل عَلَيْهِ وَعِنْده سائب بن خاثر، وَهُوَ يُلقيِ على جواري لعبد الله، فَأمره عبد الله بتنحيةِ الْجَوَارِي لدُخُول مُعَاوِيَة، ووثب سائب بن خاثر، وتنحّى عبد الله عَن سَرِيره لمعاوية، فأجلسه إِلَى جَانِبه. ثمَّ قَالَ لعبد الله: أعِد إِلَيْنَا مَا كنت فِيهِ، فَأمر بالكراسي فأُلقيَتْ، وَأخرج الْجَوَارِي، فتغنَّى سائبٌ بقول قيس بن الخطيم: ديار الَّتِي كَادَت، وَنحن على منى ... تحلُّ بِنَا لَوْلَا نجاءُ الركائبِ ورددَّه الْجَوَارِي. فحرَّ مُعَاوِيَة يَدَيْهِ، وتحرَّك فِي مَجْلِسه، ثمَّ مدَّ رجلَيْهِ فَجعل يضرِبُ بهما وجهَ السرير فَقَالَ لَهُ عمروٌ: اتَّئد فَإِن الَّذِي جئتهُ لتلحاهُ أحسُّ مِنْك حالاَ، وأقلُّ حَرَكَة. قَالَ مُعَاوِيَة: اسْكُتْ، فَإِن كل كريمٍ طروب. وَقَالَ مُعَاوِيَة: أُعِنْتُ على عليِّ بِأَرْبَع: كنتُ رجلا أكتم سريّ، وَكَانَ رجلا ظَهره، وكنتُ فِي أطوعِ جندٍ وأصلحهُ، وَكَانَ فِي أخبثِ جندٍ وأعصاه، وَتركته وأصحابَ الْجمل وقلتُ: إِن ظفروا بِهِ كَانُوا أَهْون عليَّ مِنْهُ، وَإِن ظفر بهم اعتددت بهَا عَلَيْهِ فِي دينه، وَكنت أحَبَ إِلَى قُرَيْش مِنْهُ، فيالكَ من جَامع إليَّ، ومفرقٍ عَنهُ، وعونٍ لي وعونٍ عَلَيْهِ. قدم مُعَاوِيَة إِلَى الْمَدِينَة فَدخل عَلَيْهِ عبد الله بن الزبير؛ فَأَقَامَ عِنْده يَوْمه وَلَيْلَته فَكَانَا يتحدثان إِلَى أَن نَام مُعَاوِيَة، وَعبد الله قاعدٌ، ثمَّ اسْتَيْقَظَ، فَقَالَ لَهُ: خُذ بِنَا فِي الحَدِيث، فتحادثا سَاعَة ثمَّ نَام مُعَاوِيَة أَيْضا، فَكَانَت تِلْكَ حَاله إِلَى الصَّباح فَقَالَ لَهُ عبد الله: لقد هممتُ بقتْلك غير مرّة، فَكيف طابت نفسُك أَن تنام وَأَنا مَعَك؟ فَقَالَ: يَا أَبَا بكر، فلستَ من قتلةِ الخُلفاء. فَقَالَ: تقولُ لي هَذَا وَقد لقيتُ عليَّ بن أبي طَالب بِالسَّيْفِ يم الْبَصْرَة،

<<  <  ج: ص:  >  >>