للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ مُعَاوِيَة: لَا جرم، قتَلَكَ وأباك بِشمَالِهِ، وَبقيت يمنيهُ فارغةً تطلب قِرناً يصلُحُ لَهَا. وَقَالَ مُعَاوِيَة لعَمْرو بن الْعَاصِ، حِين ذكر لَهُ مَا رَوَاهُ عبد الله ابنهُ من قولِ النَّبِي - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - لعماَّرٍ: " تَقْتُلُكَ الفئة الباغيةُ " لَا تزَال تَأْتِينَا بهَنةٍ تدحضُ بهَا فِي بولك. أَنَحْنُ قَتَلْنَاهُ؟ إِنَّمَا قَتله الَّذِي جَاءَ بِهِ. ورُوي أَنه قدم الْمَدِينَة فَذكر ابْنه يزِيد، وعقله وسخاءه، وفضله؛ فَقَالَ ابْن الزبير: أما أَنَّك قد تركت من هُوَ خيرٌ منهُ. قَالَ مُعَاوِيَة: كَأَنَّك أردتَ نَفسك يَا أَبَا بكر؟ قَالَ: وَإِن أردتها فَمه؟ قَالَ مُعَاوِيَة: إِن بَيته بِمَكَّة فَوق بَيْتك. قَالَ ابْن الزبير: إِن الله اخْتَار أبي، وَاخْتَارَ الناسُ أباهُ، فاللهُ الفاصِلُ بيني وَبَينه. فَقَالَ مُعَاوِيَة: هَيْهَات: مَنّتُكَ نفسُك مَا لَيْسَ لَك، وتطاولت َ إِلَى مَا لم تنالُه. . إِن الله اختارَ عمِّي لدينِه، وَاخْتَارَ الناسُ أبي لدنياهُم. فَدَعَا عمِّي أَبَاك فأجابهُ، ودعا أبي عمَّك فاتبعَه، فَأَيْنَ تجِدُكَ إِلَّا معي؟ . قَالَ ابْن الزبير: ذَاك لَو كنتَ من بني هَاشم. قَالَ مُعَاوِيَة: دع هاشماً، فَإِنَّهَا تَفْخَر عَليّ بأنفسها، وأفخر عَلَيْك بهَا، وَأَنا أحبُّ إِلَيْهَا منكَ، وأحبُّ إليكَ مِنْهَا، وَهِي أحبُّ إليَّ مِنْك. قَالَ ابْن الزبير: إِن الله رفع بِالْإِسْلَامِ بَيْتا، وخفض بِهِ بَيْتا، فَكَانَ بَيْتِي مِمَّا رفع الله بِالْإِسْلَامِ، قَالَ مُعَاوِيَة: وبيتُ حاطِب بنِ أبي بلتعةَ مِمَّا رفع الله. وَقيل لمعاوية: أخبرنَا عَن نَفسك فِي قريشٍ. قَالَ: أَنا ابْن بُعثطِها، وَالله مَا سوبِقْتُ إِلَّا سبقتُ، وَلَا خضْتُ برجلي قطٌّ غمرة إِلَّا قطعتُها عرضا. وَكتب إِلَيْهِ الحكم الْغِفَارِيّ: إِن الْمُشْركين قد جاشوا بأمرٍ عظيمٍ. فَكتب: اجْعَل بكر بن وَائِل يَلونهم، فَإِن نبيَّ الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم - قَالَ: " لن يَظْهَرَ الْمُشْركُونَ على بكرِ بنِ وائلٍ ". وَكَانَ يأذنُ للأحنفِ فِي أوَّلِ من يأْذنُ لَهُ، فأَذنَ لَهُ يوماَ، ثمَّ أذن لمحمدِ بن الْأَشْعَث، فجَاء محمدٌ فَجَلَسَ بَين مُعَاوِيَة وَبَين الأحنفِ، فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة: لقد

<<  <  ج: ص:  >  >>