دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا "، أَن يوفقني للصَّوَاب، ويسددني للرشاد، ويلهمني الرأفة بكم، وَالْإِحْسَان إِلَيْكُم، ويفتحني لأعطياتكم، وَقسم أرزاقكم فِيكُم، إِنَّه قريب مُجيب. فَقَالَ ابْن عَيَّاش المنتوف: أحَال أَمِير الْمُؤمنِينَ بِالْمَنْعِ على ربه. خطب الْمَنْصُور بِالْكُوفَةِ فَقَالَ: الْحَمد لله أَحْمَده، وَأَسْتَعِينهُ، وأومن بِهِ وَأَتَوَكَّل عَلَيْهِ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأَرَادَ أَن يَقُول: وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، فَقَالَ رجل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أذكرك من تذكر بِهِ. فَقَالَ الْمَنْصُور: سمعا سمعا لمن فهم عَن الله، وَأَعُوذ بِاللَّه أَن أذكر بِاللَّه وأنساه، وَأَن تأخذني الْعِزَّة بالإثم: " قد ضللت إِذا وَمَا أَنا من المهتدين ". وَأَنت وَالله مَا الله أردْت بذلك، وَلَكِن حاولت أَن يُقَال: قَامَ فَقَالَ فَعُوقِبَ فَصَبر، وأهون بهَا وبقائلها وَلَو صمت لَكَانَ خيرا لَهُ، فاهتبلها إِذا غفرتها، وَإِيَّاكُم وَأَخَوَاتهَا، فَإِن الموعظة علينا نزلت، وَمن عندنَا انبثت، فَردُّوا الْأَمر إِلَى أَهله يصدروه كَمَا أوردوه، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. وَرجع إِلَى خطبَته. كَانَ يَقُول: الْخُلَفَاء أَرْبَعَة: أبوبكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي على مَا نَالَ من عُثْمَان، ومانيل مِنْهُ أعطم، وَلَقَد كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز إمرأ صدقٍ، والملوك أَرْبَعَة: مُعَاوِيَة وَكَفاهُ زِيَاد، وَعبد الْملك وَكَفاهُ حجاجه، وَهِشَام وَكَفاهُ موَالِيه، وَأَنا وَلَا كَافِي لي. وَكَانَ مُعَاوِيَة للحلم والأناة وَعبد الْملك للإقدام والإحجام، وَهِشَام لوضع الْأُمُور موَاضعهَا، وَلَقَد شاركت عبد الْملك فِي قَول كثير: رَحْمَة للنَّاس. أُتِي الْمَنْصُور بِرَأْس بشير الرّحال، وَكَانَ خرج مَعَ مُحَمَّد بن عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ لَهُ: رَحِمك الله، لقد كنت أسمع لصدرك همهمة لَا يسكنهَا إِلَّا برد عدل، أَو حر سِنَان. وَلما احْتضرَ قَالَ: يَا ربيع، بعنا الْآخِرَة بنومة. قَالَ الرّبيع: لقب أَبُو جَعْفَر بِأبي الدوانيق، لِأَنَّهُ لما أَرَادَ حفر الخَنْدَق بِالْكُوفَةِ قسط على كل رجل مِنْهُم دانق فضَّة، وَأَخذه، وَصَرفه فِي ذَلِك، وَقيل غير هَذَا. وَقَالَ للمهدي: لَيْسَ الْعَاقِل من يتحرز من الْأَمر الَّذِي يَقع فِيهِ، حَتَّى يخرج مِنْهُ، إِنَّمَا الْعَاقِل من يتحرز من الْأَمر الَّذِي يخشاه، حَتَّى لَا يَقع فِيهِ. وَقَالَ: عُقُوبَة الْحُكَمَاء التَّعْرِيض، وعقوبة السُّفَهَاء التَّصْرِيح. كَانَ لسوار القَاضِي كاتبان: رزق أَحدهمَا أَرْبَعُونَ درهما، وَالْآخر عشرُون درهما، فَكتب إِلَى الْمَنْصُور يسْأَله أَن يلْحق صَاحب الْعشْرين بالأربعين، فَأجَاب بِأَن يحط من الْأَرْبَعين عشرَة ويزيدها صَاحب الْعشْرين حَتَّى يعتدلا. قَالَ السّري بن عبد الله: إِنِّي لبمكة مَعَ أبي جَعْفَر الْمَنْصُور وَالنَّاس يذكرُونَ مَعنا، وإراقته الدِّمَاء بِالْيمن، فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ غلامٌ من غلْمَان بني شَيبَان، مَاله عنْدك يَد تأصرك عَلَيْهِ، وَلَا رحم يعطفك عَلَيْهِ، قَالَ: فبسر فِي وَهِي بسرة تمنيت أَن الأَرْض انشقت لي فَدخلت فِيهَا. قَالَ: فَمَكثت أَيَّامًا ثمَّ أَتَيْته، فَسَأَلَنِي عَن عَن تخلفي، فاعتذرت إِلَيْهِ، فَقَالَ لي: أتعرف رجلا كَانَ يُصَلِّي عَن يَمِين مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَأَخْبَرته بِهِ، ونسبته إِلَى عُثْمَان، فَقَالَ: مَا فعل؟ قلت: قتل بِقديد. قَالَ: فآخر كَانَ يُصَلِّي قَرِيبا مِنْهُ؟ قلت: نعم، ذَاك ابْن أَخِيه. قَالَ: فَمَا فعل؟ قلت: قتل يَوْم قديد. قَالَ: فآخر كَانَ يُصَلِّي فِي مَوضِع كَذَا؟ قلت: نعم. ونسبته إِلَى الزبير. قَالَ: فَمَا فعل؟ قلت: قتل يَوْم قديد، فَمَا زَالَ يقترع الْمجَالِس يذكر فِيهَا رجلا قريعاً، ويسألني عَنهُ، فَأَقُول: قتل يَوْم قديد، فَقَالَ لي: لَا أَكثر الله فِي عشيرتك مثلك. عجزت عَن ثأرك أَن تطلب بِهِ، حَتَّى إِذا قَامَ هَذَا الْغُلَام الشَّيْبَانِيّ، فَإِذا بك تنفس عَلَيْهِ الرّفْعَة. قيل: وَكَانَ معنٌ يبسط الأنطاع بِالْيمن، ثمَّ يَدْعُو بأبناء اليمانية الَّذين حَضَرُوا قديداً، فَيضْرب أَعْنَاقهم. وَكلما ندر رأسٌ عَن رقبته قَالَ: يَا لثارات قديد. كَانَ الْمَنْصُور يَقُول: الْمُلُوك تحمل كل شَيْء إِلَّا ثَلَاث خلالٍ: إفشاء السِّرّ، والتعرض للحرم، والقدح فِي الْملك. وَقَالَ: إِذا مد عَدوك يَده إِلَيْك فاقطعها إِن أمكنك، وَإِلَّا فقبلها. وخطب بِمَكَّة وَقد أمل النَّاس عطاءه، فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِنَّمَا أَنا سُلْطَان الله فِي أرضه، أسوسكم بتوفيقه وتسديده، وخازنه على فيئه، أعمل فِيهِ بمشيئته وأقسمه بإرادته، وَقد جعلني الله عز وَجل قفلاً عَلَيْهِ، إِذا شَاءَ أَن يفتحني فتحني، وَإِذا شَاءَ أَن يقفلني أقفلني، فارغبوا إِلَى الله أَيهَا النَّاس فِي هَذَا الْيَوْم الَّذِي عرفكم من فَضله مَا أنزلهُ فِي كِتَابه، فَقَالَ جلّ اسْمه: " الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ وَأَتْمَمْت عَلَيْكُم نعمتي ورضيت لكم الْإِسْلَام دينا "، أَن يوفقني للصَّوَاب، ويسددني للرشاد، ويلهمني الرأفة بكم، وَالْإِحْسَان إِلَيْكُم، ويفتحني لأعطياتكم، وَقسم أرزاقكم فِيكُم، إِنَّه قريب مُجيب. فَقَالَ ابْن عَيَّاش المنتوف: أحَال أَمِير الْمُؤمنِينَ بِالْمَنْعِ على ربه. خطب الْمَنْصُور بِالْكُوفَةِ فَقَالَ: الْحَمد لله أَحْمَده، وَأَسْتَعِينهُ، وأومن بِهِ وَأَتَوَكَّل عَلَيْهِ، وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأَرَادَ أَن يَقُول: وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، فَقَالَ رجل: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أذكرك من تذكر بِهِ. فَقَالَ الْمَنْصُور: سمعا سمعا لمن فهم عَن الله، وَأَعُوذ بِاللَّه أَن أذكر بِاللَّه وأنساه، وَأَن تأخذني الْعِزَّة بالإثم: " قد ضللت إِذا وَمَا أَنا من المهتدين ". وَأَنت وَالله مَا الله أردْت بذلك، وَلَكِن حاولت أَن يُقَال: قَامَ فَقَالَ فَعُوقِبَ فَصَبر، وأهون بهَا وبقائلها وَلَو صمت لَكَانَ خيرا لَهُ، فاهتبلها إِذا غفرتها، وَإِيَّاكُم وَأَخَوَاتهَا، فَإِن الموعظة علينا نزلت، وَمن عندنَا انبثت، فَردُّوا الْأَمر إِلَى أَهله يصدروه كَمَا أوردوه، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. وَرجع إِلَى خطبَته. كَانَ يَقُول: الْخُلَفَاء أَرْبَعَة: أبوبكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي على مَا نَالَ من عُثْمَان، ومانيل مِنْهُ أعطم، وَلَقَد كَانَ عمر بن عبد الْعَزِيز إمرأ صدقٍ، والملوك أَرْبَعَة: مُعَاوِيَة وَكَفاهُ زِيَاد، وَعبد الْملك وَكَفاهُ حجاجه، وَهِشَام وَكَفاهُ موَالِيه، وَأَنا وَلَا كَافِي لي. وَكَانَ مُعَاوِيَة للحلم والأناة وَعبد الْملك للإقدام والإحجام، وَهِشَام لوضع الْأُمُور موَاضعهَا، وَلَقَد شاركت عبد الْملك فِي قَول كثير: يصد ويفضي وَهُوَ لَيْث عرينة ... وَإِن أمكنته فرْصَة لَا يقيلها وَقَالَ للمهدي ابْنه: يَا أَبَا عبد الله، لَا تبرمن أمرا حَتَّى تفكر فِيهِ، فَإِن فكرة الْعَاقِل مرْآة تريه قبيحه وَحسنه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute