للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ السّري بن عبد الله: إِنِّي لبمكة مَعَ أبي جَعْفَر الْمَنْصُور وَالنَّاس يذكرُونَ مَعنا، وإراقته الدِّمَاء بِالْيمن، فَقلت: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ غلامٌ من غلْمَان بني شَيبَان، مَاله عنْدك يَد تأصرك عَلَيْهِ، وَلَا رحم يعطفك عَلَيْهِ، قَالَ: فبسر فِي وَهِي بسرة تمنيت أَن الأَرْض انشقت لي فَدخلت فِيهَا. قَالَ: فَمَكثت أَيَّامًا ثمَّ أَتَيْته، فَسَأَلَنِي عَن عَن تخلفي، فاعتذرت إِلَيْهِ، فَقَالَ لي: أتعرف رجلا كَانَ يُصَلِّي عَن يَمِين مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَأَخْبَرته بِهِ، ونسبته إِلَى عُثْمَان، فَقَالَ: مَا فعل؟ قلت: قتل بِقديد. قَالَ: فآخر كَانَ يُصَلِّي قَرِيبا مِنْهُ؟ قلت: نعم، ذَاك ابْن أَخِيه. قَالَ: فَمَا فعل؟ قلت: قتل يَوْم قديد. قَالَ: فآخر كَانَ يُصَلِّي فِي مَوضِع كَذَا؟ قلت: نعم. ونسبته إِلَى الزبير. قَالَ: فَمَا فعل؟ قلت: قتل يَوْم قديد، فَمَا زَالَ يقترع الْمجَالِس يذكر فِيهَا رجلا قريعاً، ويسألني عَنهُ، فَأَقُول: قتل يَوْم قديد، فَقَالَ لي: لَا أَكثر الله فِي عشيرتك مثلك. عجزت عَن ثأرك أَن تطلب بِهِ، حَتَّى إِذا قَامَ هَذَا الْغُلَام الشَّيْبَانِيّ، فَإِذا بك تنفس عَلَيْهِ الرّفْعَة. قيل: وَكَانَ معنٌ يبسط الأنطاع بِالْيمن، ثمَّ يَدْعُو بأبناء اليمانية الَّذين حَضَرُوا قديداً، فَيضْرب أَعْنَاقهم. وَكلما ندر رأسٌ عَن رقبته قَالَ: يَا لثارات قديد. كَانَ الْمَنْصُور يَقُول: الْمُلُوك تحمل كل شَيْء إِلَّا ثَلَاث خلالٍ: إفشاء السِّرّ، والتعرض للحرم، والقدح فِي الْملك. وَقَالَ: إِذا مد عَدوك يَده إِلَيْك فاقطعها إِن أمكنك، وَإِلَّا فقبلها. وخطب بِمَكَّة وَقد أمل النَّاس عطاءه، فَقَالَ: أَيهَا النَّاس، إِنَّمَا أَنا سُلْطَان الله فِي أرضه، أسوسكم بتوفيقه وتسديده، وخازنه على فيئه، أعمل فِيهِ بمشيئته وأقسمه بإرادته، وَقد جعلني الله عز وَجل قفلاً عَلَيْهِ، إِذا شَاءَ أَن يفتحني فتحني، وَإِذا شَاءَ أَن يقفلني أقفلني، فارغبوا إِلَى الله أَيهَا النَّاس فِي هَذَا الْيَوْم الَّذِي عرفكم من فَضله مَا أنزلهُ فِي كِتَابه، فَقَالَ جلّ اسْمه: " الْيَوْم أكملت لكم

<<  <  ج: ص:  >  >>