للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وجاههم من حُقُوق الضُّعَفَاء والفقراء. فَقَالَ: وفقك الله للخير، وأرشدك لما يحب ويرضى. وَقَالَ للمهدي: أشْبع الْعَبَّاس بن مُحَمَّد، فَإنَّك إِن لم تشبعه أكلك. كتب إِلَيْهِ صَاحب أرمينية: إِن الْجند شغبوا عَليّ، وطلبوا أَرْزَاقهم، وكسروا أقفال بَيت المَال، وانتهبوه، فَأمر بعزله، وَوَقع: لوعدلت لم يشغبوا، وَلَو قويت لم ينهبوا. وَوَقع فِي قصَّة رجل ذكر: أَن أَمِير الْمُؤمنِينَ أَمر بأرزاق لَهُ، وَأَن الْفضل أَبْطَأَ بهَا: " مَا يفتح الله للنَّاس من رَحْمَة فَلَا مُمْسك لَهَا " قَالَ أَبُو عبيد الله: سَمِعت الْمَنْصُور يَقُول للمهدي حِين عقد لَهُ: يَا بني، استدم النِّعْمَة بالشكر، وَالْقُدْرَة بِالْعَفو، وَالطَّاعَة بالتلف، والنصر بالتواضع، وَالرَّحْمَة من الله بِالرَّحْمَةِ للنَّاس. أُتِي الْمَنْصُور بِرَأْس بشير الرّحال، وَكَانَ خرج مَعَ مُحَمَّد بن عبد الله - رَضِي الله عَنهُ - فَقَالَ لَهُ: رَحِمك الله، لقد كنت أسمع لصدرك همهمة لَا يسكنهَا إِلَّا برد عدل، أَو حر سِنَان. وَلما احْتضرَ قَالَ: يَا ربيع، بعنا الْآخِرَة بنومة. قَالَ الرّبيع: لقب أَبُو جَعْفَر بِأبي الدوانيق، لِأَنَّهُ لما أَرَادَ حفر الخَنْدَق بِالْكُوفَةِ قسط على كل رجل مِنْهُم دانق فضَّة، وَأَخذه، وَصَرفه فِي ذَلِك، وَقيل غير هَذَا. وَقَالَ للمهدي: لَيْسَ الْعَاقِل من يتحرز من الْأَمر الَّذِي يَقع فِيهِ، حَتَّى يخرج مِنْهُ، إِنَّمَا الْعَاقِل من يتحرز من الْأَمر الَّذِي يخشاه، حَتَّى لَا يَقع فِيهِ. وَقَالَ: عُقُوبَة الْحُكَمَاء التَّعْرِيض، وعقوبة السُّفَهَاء التَّصْرِيح. كَانَ لسوار القَاضِي كاتبان: رزق أَحدهمَا أَرْبَعُونَ درهما، وَالْآخر عشرُون درهما، فَكتب إِلَى الْمَنْصُور يسْأَله أَن يلْحق صَاحب الْعشْرين بالأربعين، فَأجَاب بِأَن يحط من الْأَرْبَعين عشرَة ويزيدها صَاحب الْعشْرين حَتَّى يعتدلا.

<<  <  ج: ص:  >  >>